لم يكن علي نمر الخليل يوماً “مستقلاً” بعمله في الصرافة. كان “فوق رأسه” دائماً شخص أو طرف أو جهة، يعمل الشاب، الذي يبدو اليوم أنه سيكون كبش المحرقة الأدسم، لديها، رغم كل محاولات تصويره اليوم بأنه المضارب الأكبر في سوق العملة, وفق ما ورد في “المدن”.
وتابعت الصحيفة…
من الشارع إلى “المركزي”
اعترف علي نمر الخليل خلال التحقيقات بكل شيء، كيف بدأ عمله بأرقام بسيطة، وكيف تكوّنت حوله مجموعة من الشبان الذين يعملون في “صرافة الشارع”، وكيف ذاع صيته بعد فيديو شهير حصل من خلاله على لقب “علي ألله”، رغم أن التسمية جاءت بمثابة “كفر” في الفيديو من أحد الأشخاص الذين عملوا مع الخليل في الصرافة، وكيف كانت علاقته بالمصرف المركزي الذي منه وإليه يتحرك كل السوق، وعلاقته بشركة “OMT”، وبعدها سيتكس، وما بينهما وما بعدهما.
الصيت شيء والواقع شيء آخر. فقوة الخليل في السوق لم تكن لديه قبل حادثة الفيديو الشهير، بل اكتسبها بعده، عندما صار الطفل المدلل لشركة “OMT” التي حصلت من مصرف لبنان على رخصة شراء الدولارات. وهنا تفصيل قد لا يكون معروفاً لدى كثير من اللبنانيين، وهو أن الشركة بحد ذاتها لم تعمل في الصرافة، بل أنشات شركة متفرعة منها حصلت من المصرف المركزي على ترخيص بشراء الدولارت من دون بيعها، فكان للمصرف المركزي وحده حق الشراء منها.
OMT ومقلد
في بداية العمل مع “OMT” كانت قدرة الخليل على جمع الأموال يومياً لا تتعدى نصف مليون دولار، لكن بعد انتشار علاقته المميزة بالشركة، تمكن من تحويل مكتبه في الشياح إلى مصبّ أساسي لصرّافي الضاحية الجنوبية وبيروت، فصار يجمع يومياً للشركة حوالى 2 مليون دولار، فاستمرت الفترة الذهبية للخليل بضعة أشهر، إلى حين دخول حسن مقلد وشركة سيتكس إلى السوق.
تمكن مقلد، من الحصول على رخصة لشركته من مصرف لبنان وقرر غزو السوق، فأعطاه المركزي، بداية، حصة 20 بالمئة تقريباً من حاجة المركزي يومياً، لكن سرعان ما تضخمت نسبة مقلد على حساب نسبة “OMT” وغيرها من الشركات، كشركة “BOB” التي بدأت بحصة صغيرة وانتهت بحصة صغيرة.
في هذه المرحلة بدأ علي نمر الخليل بالخسارة، لأن لسيتكس طفلها المدلل الخاص في السوق وهو ح.م، والذي كان يعمل بجمع الأموال للخليل ليبيعها إلى “OMT”، فكبُرت خسارة علي نمر، الذي كان بداية يرفض التنازل عن عرشه، لكنه اضطر بعدها للعمل تحت جناح سيتكس بعد خسارته مليارات الليرات.
“الدكتور”
بعد العقوبات الأميركية على حسن مقلد، والتي يتحدث البعض عن علاقتها بما هو أبعد بكثير من مسألة الصرافة في لبنان، وتراجع “OMT” بشكل كبير في السوق، كان لا بد لطرف أن يملأ الفراغ، فالعلاقة بين المركزي والصرّافين بحاجة إلى طرف ينسقها، فشكل الفراغ هذا فرصة للدكتور ع.ح للعب هذا الدور بتزكية من أحد رجال الأعمال والمصرفيين س.خ، فسيطر “الدكتور” على السوق.
حاول علي نمر المواجهة مجدداً، لكن من كان بوجهه كان أقوى، أي “الدكتور” ومعه أهم الصرافين المرخصين في الضاحية، والذين ذاع صيتهم بداية الأزمة، وتم توقيف بعضهم، فخسر الخليل مليارات جديدة، قبل أن يرضخ ويبدأ العمل تحت جناح الفريق القوي الجديد.
سقوط التاج
خلال كل المواجهات التي خاضها الخليل ارتكب جرم المضاربة على العملة المحلية، ظناً منه أنه قادر على مواجهة المصرف المركزي أو الشركات الكبرى. وهكذا كان اسمه يتردد كثيراً خلال التحقيقات مع كل الموقوفين. فالكل سبق لهم أن عملوا تحت جناح علي نمر الخليل عندما كان ملكاً، والكل سبق لهم أن واجهوه عند كل انتقال للتاج، فظهر الخليل أنه المضارب الأول على الليرة.
كل هذا انتهى يوم جاءه اتصال يطلب منه تسليم نفسه قبل مداهمة مكتبه. فعل ذلك “بمعيّة” أحد الضباط، خصوصاً أن لديه ملفاً عالقاً يتعلق بأحداث الطيونة. بعد تسليم نفسه حاولت مجموعة أمنية قطفها إعلامياً، فداهمت مكتبه، وبعثرت محتواه تفتيشاً وتدقيقاً، وقعت الصور المعلقة على الحائط، وانهارت صورة علي، الذي ظنّ نفسه ملكاً أقوى من رياض سلامة. خرج الجميع بكفالات، إلا هو، فمن يُحاسب من كان يعمل لديهم؟
أعلن مفوض الاتحاد الاوروبي لإدارة شؤون النازحين يانيز لينارتشيتش أن زيارته الى لبنان تأتي “تعبيراً عن تضامن الاتحاد الاوروبي مع هذا البلد الذي يجد نفسه في وضع صعب جداً بسبب الأزمة المالية وانسداد الأفق السياسي والأزمة السورية، التي دفعت بعدد كبير من اللاجئين السوريين الى هذا البلد”.
وقال: “أودّ أن أعبّر عن الإعتراف بالتحديات التي يشكلها هذا العدد الكبير من اللاجئين السوريين وما يمثلونه لبلد بحجم لبنان. وسنستمر كما فعلنا منذ 12 عاماً، في مساعدة ودعم كل اللاجئين السوريين كما بدعم اللبنانيين الأكثر هشاشة. إن عدد اللبنانيين الذين هم بحاجة ارتفع جداً في الآونة الأخيرة بسبب الأوضاع الحالية والتضخم وانخفاض قيمة الرواتب وعدم قدرة الدولة على تقديم الخدمات اللازمة، وهذا يشكل مصدر قلق بالنسبة إلينا”.
أضاف: “قدّمنا نحو 60 مليون يورو للمساعدات الإنسانية للعام 2023 وهذا المبلغ يمثل زيادة بنسبة 20 في المئة عمّا كانت عليه الأموال المخصصة السنة الماضية. إن المساعدات الإنسانية ليست حلاً مستداماً على المدى الطويل، بل هي مساعدات طارئة للحفاظ على الحياة. لكن هذا البلد يحتاج لأكثر من ذلك، فهو يحتاج الى إصلاحات وانتخاب رئيس للجمهورية وحكومة كاملة الصلاحية واتفاق مع المجموعة الدولية خصوصاً مع صندوق النقد الدولي، وهذا الإتفاق سيفسح المجال أمام المساعدات المالية لتأتي الى لبنان ومنها المساعدات الأوروبية التي يمكن أن تساعد لبنان على التعافي من الأزمة التي يمر فيها”.
لا صوت يعلو بالملف الرئاسي على صوت التطورات الإقليمية المتسارعة، إذ تقر معظم القوى السياسية بأنها تنتظر انعكاس هذه التطورات على الداخل اللبناني وضمنا على الانتخابات الرئاسية العالقة في عنق الزجاجة بسبب التوازنات البرلمانية التي تتيح التعطيل لا فرض مرشح رئاسي محسوب على فريق معين.
ويبدو أن “حزب الله” الذي سعى في مرحلة ماضية للوصول إلى تفاهم مع رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل على انتخاب رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية وصل إلى قناعة بانسداد هذا الطريق، ما أدى إلى تراجع التواصل بين الطرفين إلى حدود دنيا، وفق معلومات “الشرق الأوسط”، وهو ما دفع باسيل للتصعيد أخيراً متهماً الحزب بالتراجع عن وعد قطعه له بعدم السير بأي مرشح لا يقبله باسيل.
ويشير أحد الأقطاب اللبنانيين المعنيين بالملف الرئاسي إلى أن “الانفراج الإقليمي الحاصل سيصل عاجلاً أو آجلاً إلى لبنان على شكل تسوية تؤدي لانتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة ببرنامج عمل واضح”، لافتاً في تصريح لـ”الشرق الأوسط” إلى أنه “بعد وصول كل القوى لقناعة بعدم إمكانية فرض مرشح رئاسي معين، فالكل ينتظر كيف ستتبلور الأمور خارجياً بما يسمح بتأمين نصاب انتخاب رئيس للبلاد من منطلق أنه إذا كان فريق معين قادراً على تأمين 65 صوتاً لمرشحه فهو لا شك غير قادر على تأمين نصاب الجلسة الذي يحتاج إلى حضور 86 نائباً”. ويرى المصدر أن “إمكانية التواصل والحوار بين فرنجية ورئيس حزب “القوات” سمير جعجع باتت، نتيجة مواقف باسيل، أكبر من التلاقي بين فرنجية و”الوطني الحر” مجدداً، وإن كان رئيس “المردة” غير متمسك بغطاء أحد الزعيمين المسيحيين، رغم اعتباره أن سير أي منهما به أمر يخدمه، ويرى أن زعامته كافية لرئاسة الجمهورية، خصوصاً أن اجتماع الأقطاب المسيحيين الأربعة الذين التقوا في بكركي عام 2014 أكدوا أحقية أي منهم بتبوؤ سدة الرئاسة، كما أنه الوحيد القادر حالياً على جمع هذا العدد من أصوات النواب غير المسيحيين”.
ويشير المصدر إلى أن “باسيل يدفع في كل الاجتماعات واللقاءات التي يجريها بالوزير السابق جهاد أزعور للرئاسة لكنه يتجنب إعلان أنه مرشحه لاعتباره أن ذلك من شأنه إحراق ورقته”، لافتاً إلى أنه “كان قد اقترح اسمه على حزب الله في وقت سابق لحاكمية مصرف لبنان”. ويعتبر المصدر أن “حظوظ قائد الجيش العماد جوزيف عون تراجعت تلقائياً مع إعلان رئيس المجلس النيابي نبيه بري أن انتخابه يتطلب تعديلاً دستورياً”، مشيراً إلى أن “ظروف انتخاب عون تختلف كلياً عن ظروف انتخاب فرنجية”.
في هذا الوقت، يبدو أن بري لم يحسم أمر الدعوة لجلسة لانتخاب رئيس بعد عيد الفطر، إذ يفضل، وفق المعلومات، أن “تحقق أي جلسة خرقاً وأن يكون نصابها مكتملاً، لكنه في الوقت عينه لا يريد أن يتحمل أمام المجتمع الدولي مسؤولية عدم انتخاب رئيس من خلال رمي البعض كرة التعطيل في ملعبه طالما هو لا يدعو لجلسات”.
أما قوى المعارضة، فلا تزال تتخبط في خلافاتها. فمع تخلي الحزب “التقدمي الاشتراكي” عن ترشيح النائب ميشال معوض بات التفاهم بين هذه القوى على مرشح جديد أشبه بـ”المهمة المستحيلة” على حد تعبير أحد النواب المعارضين. ولعل استعار السجال بين عدد من نواب “التغيير” ورئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع أكبر دليل على صعوبة تفاهم القوى المعارضة لـ”حزب الله” على مرشح قادر على أن يجمع 65 صوتاً تسمح له بالفوز في الدورة الثانية.
وأمس، أكد رئيس حزب “الكتائب” سامي الجميل أن “حزب الله لن يتمكن من فرض رئيس جمهورية على اللبنانيين، وإن قاموا بفتوى فسيكون رئيساً على جمهورية حزب الله وليس على جمهورية اللبنانيين”، مشدداً على أن “لا أحد قادر على فرض إرادته على اللبنانيين”.