“كانوا يقولون الحقيقة والناس كانت تعرف انهم يقولون الحقيقة”
ترقى هذه الجريمة الى العام ١٩٨٩ عندما اقتحم جنود من جيش السلفادور مقر إقامة الأخوة اليسوعيين وقتلوا جميع الذين كانوا في المكان: ايغناسيو ايلاكوريا، سيغوندو مونتيس، ايغناسيو مارتين بارو، أماندو لوبيز، خوان رامون مورينو وخواكيم لوبيز بالإضافة الي سيدتَين، أم وابنتهما، تعملان في المكان وكانا قد التجأتا في تلك الليلة اليه بسبب حظر التجوّل والعنف على الطرقات أيام الحرب الأهليّة.
طُلب من بيدرو أرماندا دي ريفييرا جمع المعلومات والبيانات حول هذه الجريمة. تعاون مع مارتا دوجي المنتدبة من لجنة المحاميين لحقوق الانسان خلال فترة التحقيق ونشرا بياناً مفصلاً حول ملابسات الجريمة.
– لماذا هذه الجريمة؟ لماذا؟
لأنه في الأماكن حيث تسود الأكاذيب، قد يكلّفك قول الحقيقة حياتك. هذا ليس بجديد ولم تكن حادثة استثنائيّة.
– نتحدث عن شهداء قتلوا لأنهم رفعوا الصوت ونددوا بالفظائع وأرادوا مجتمعاً أفضل وكافحوا من أجل الحرية والعدالة.
هذا وأكثر بعد. كان صوت هؤلاء اليسوعيين كصوت الأنبياء، يصدح في كل مكان لأنهم كانوا يقولون الحقيقة والناس كانت تعرف انهم يقولون لحقيقة.
– كان هؤلاء اليسوعيين يعيشون بين أبناء السلفادور ويشعرون بآلامهم. فكيف كانت أيامهم؟ هل كانوا يتلقون التهديدات؟ هل كانوا يعرفون أن ذلك قد يحصل؟
نعم، نعم، كانوا يتلقون التهديدات منذ سبعينيات القرن الماضي. بعد المجمع والجمعيّة العامة الـ٣٢ للرهبنة اليسوعيّة، بدأت الاضطهادات. ولم تنحصر الاضطهادات بالإساءة والتهديد بل تُرجمت في العام ١٩٧٧ بمقتل أول يسوعي، ابن السلفادور، الأب روتيليو غراندي، خلال احتفاله بالقداس.
سُجلت بعدها هجمات والقاء قنابل وقصف استهدفت بين جملة أماكن مقر اليسوعيين وجامعة وسط أمريكا.
– رفض هذه الفظائع لا يتعلق بالسياسة بل بالدفاع عن الانجيل…
كان الأمر حصراً دينياً لكن ما حصل هو أن للدين تابعات سياسيّة وتابعات على الحياة العامة أيضاً. كان هؤلاء الكهنة قريبين جداً من الشعب على الرغم من كونهم أكاديميين. كانوا يقولون ان للجيش القوة والمال الآتي من الولايات المتحدة والمعدات لكنه يفتقر الى دعم الشعب وسيفسده المال. وهذا ما حصل.
– هل تغيّر المجتمع في السلفادور بعد الاغتيال؟
غيّر اغتيال اليسوعيين الكثير من الأمور وأولها كسر حاجز الصمت والافلات من العقاب فقد خضع، لأول مرّة، جندي للتحقيق. غيّر ذلك المعطيات.
ثانياً، غيّرت حادثة الاغتيال رؤية الفريقَين ووضعتهما على طاولة المفاوضات للوصول الى السلام خاصةً وانه كان هناك اهتمام دولي كبير خاصةً من قبل الولايات المتحدة الأمريكيّة… فكانت بداية النهاية.