ثلاث خطوات لاكتساب البساطة التي تعظّمها التطويبات - Lebanon news - أخبار لبنان
Connect with us
[adrotate group="1"]

أخبار دينية احتماعية

ثلاث خطوات لاكتساب البساطة التي تعظّمها التطويبات

إن البساطة ليست تقشفًا ولا إحباطًا. أساسًا، يتعلق الأمر بالتمييز بين الاحتياجات الحقيقية والامتيازات التي أصبحت بمثابة إجراءات فاخرة؛ فممارسة هذا التمييز هي مهمة روحية حقيقية. على مدار العشرين عام الماضية، تطوّر الوعي تدريجيًا، مدفوعًا بحماية الكوكب أو باهتمامنا بالحياة الداخلية: إن الاستهلاك لا يجلب السعادة؛ لذا، فلنعِد اكتشاف البساطة. في الولايات المتحدة وكندا وأوروبا،…

Avatar

Published

on

النظام الغذائي النباتي قد يؤدي لنقص فيتامين بي 12 وتضرر الأعصاب

إن البساطة ليست تقشفًا ولا إحباطًا. أساسًا، يتعلق الأمر بالتمييز بين الاحتياجات الحقيقية والامتيازات التي أصبحت بمثابة إجراءات فاخرة؛ فممارسة هذا التمييز هي مهمة روحية حقيقية.

على مدار العشرين عام الماضية، تطوّر الوعي تدريجيًا، مدفوعًا بحماية الكوكب أو باهتمامنا بالحياة الداخلية: إن الاستهلاك لا يجلب السعادة؛ لذا، فلنعِد اكتشاف البساطة. في الولايات المتحدة وكندا وأوروبا، تزدهر الحركات التي تطالب بالتقشف والرزانة، على عكس المجتمع الاستهلاكي الذي يطالب دائمًا بالمزيد. ومن هذه الحركات نذكر “عام بدون” برئاسة كريس وماييفا ونشطاء آخرين الذين يستخدمون شبكة الإنترنت لإظهار اعتدالهم، مثل “عام بدون” شاشات أو “عام بدون” تسوق أو “عام بدون” سيارة. وعام 1993، غنّى آلان سوشون: “يجعلوننا نصدق أن السعادة تكمن في خزائننا المملوءة ويلحقون بنا شهوات نبتلي بها”.

البساطة لا تعني التقشف ولا الاحباط

تعرّفت أرميل، التي باتت في أوائل الثلاثينات من عمرها ولديها ثلاثة أطفال، على الرزانة بفضل الكشافة. اختارت وزوجها العيش في الريف للتواصل ببساطة ولتربية أطفالهما في الطبيعة، وهي تشتري ملابسًا مستعملة للعائلة. “نشارك مع الجيران الخضار والفاكهة التي تنمو في الحديقة. لا نملك تلفازًا، ما يسمح لنا بقضاء أمسيات عائلية أو ثقافية. ونقوم بإصلاح أجهزتنا كي تدوم لفترة أطول، ونقضي إجازاتنا في الجبال دائمًا، أي بالقرب من المنزل. إنه خيارنا”. تستند معركتها ضد الهدر على كافة الأصعدة: تصنيف السلوكيات ووضع قائمة للتسوق مسبقًا لتجنب الشراء الالزامي. وخصصت أرميل مع أصدقائها “أيامًا للتبرع”، إذ تضع كل الأشياء غير الضرورية في الحديقة، فيتمكن الجميع من أخذها مجانًا. “بفضل ذلك، أتحرر وأركّز على الأساسيات مثل الحب والخدمة، ناهيك عن الفرح الذي أشعر به”.

إن البساطة لا تعني التقشف ولا الاحباط، بل “اختيار الزهد، وهو حالة ذهنية تكمن في تذوق الوجود أكثر من التملّك”، كما تؤكد الدكتورة إيزابيل، وهي من أتباع مبدأ البساطة. لا يتعلق الأمر بتشجيع الفقر من أجل الفقر نفسه، بل بالابتعاد عن الماديات التي جعلنا الله أسيادها. ويقول القس البروتستانتي سيريل كور: “إن العيش ببساطة يعني فرض قيود على الذات؛ ويتعلق الأمر بالتخلي عن الفائض والاكتفاء بالأساسيات”. إذًا إن التخلي والاكتفاء هما أساس البساطة التي لا تخلو من الألم ولا من السعادة، وفقًا للأشخاص الذين يعيشونها.لكن من أين تأتي هذه الدعوة؟ تتنوع الإجابات على هذا السؤال، إذ اختار البعض حماية الكوكب والامتناع عن استخدام كل ما يسبب زيادة نسبة ثاني أكسيد الكربون. ويتقرّب آخرون من الحكماء القدامى ليعثروا على السلام وميزة الوجود، بعيدًا عن مشاكل العالم. أما من المنظور المسيحي، فتسعى البساطة إلى إفساح المجال لمحبة الله والآخرين والذات. إن المسيحيين مدعوون إلى البغض، بحسب القديس لوقا (14:26). سيبيع البعض كل ما يملك ليتبع المسيح؛ والبعض الآخر سيتقاسم خيراته أو يقدّم وقته أو مواهبه.

الدخول في عملية التبسيط

إن الخطوة الأولى لتبسيط حياتنا هي إدراك أن الرفاه يحتكر أفكارنا ويبعدنا عن الله. في مجتمعنا الذي يتوفر فيه كل شيء، إن التحرر من الحوافز المستمرة للاستهلاك يُعتبر مقاومة. يقول بيير: “يستند مجتمعنا على الاحباط المبرمج”. ويتطلب الدخول في عملية التبسيط طرح بعض الأسئلة الأساسية على الذات، مثل: ما هي قيمة الأشياء؟ ويتساءل بيير قبل شراء أي سلعة: من يستطيع تحمل كلفتها؟ وهل هي حقًا مفيدة؟

يقول بيير المهندس والأب إن كلمات القديس يوحنا الذهبي الفم تطارده: “إن الخبز الذي تحتفظ به يخص الجائع؛ والملابس التي تحتفظ بها في خزنتك تعود إلى العريان”. تؤثر هذه العبارة على أسلوبنا في إعداد العشاء للزائرين أو حفل الزفاف أو أي احتفال آخر، من خلال تجنّب المبالغة والتبذير غير اللائق الذي يرضي الغرور ولكنه يمكن أن يفضح ويؤذي البعض. يمكننا أن نستقبل الناس ببساطة.تساءلت آن عن “ممتلكاتها الخصبة والعقيمة منها”: “من الممكن أن تكون شقتي أكثر انفتاحًا على الآخرين. فاضطررت إلى توفير بعض المساحة عبر فرز الأغراض وأدركت أنني كنت أكدّسها خوفًا من نفادها”.

التحرر من استبداد المجتمع

تكمن الخطوة الثانية في تحرير الذات من ضغوطات المجتمع واستبداده المهني والاجتماعي، إذ يجب أن نعمل أكثر لكسب المزيد، وأن نزيد من نشاطاتنا الترفيهية، وأن نظهر في الأفق، وأن نركز على تطوير الذات، أي يجب أن نقوم بكل ما نمارسه غالبًا على حساب محيطنا وسلامنا الداخلي. فهل نحن أحرار بالنسبة إلى النموذج الاجتماعي وفي نظر الآخرين؟  تدريجيًا، تؤدّي بنا فكرة البساطة إلى مراجعة أولوياتها. قرر بيير العمل بنسبة 85٪ من الوقت تضامنًا مع العاطلين عن العمل. وبالتالي، يمكنه مساعدة الجمعيات والتنزه لمسافات طويلة في الجبال. أما صوفي البالغة من العمر 45 عامًا، فقد استقالت من عملها كباحثة لتكون “قسيسًا” في مستشفى ولتعمل كمضيفة في منزل مخصص للباحثين عن عمل. وتوقفت إيزابيل عن العمل في مكتبها لمدة عشر سنوات كي تربّي أطفالها بهدوء وتشارك في الحياة المجتمعية لقريتها. وبالنسبة إلى ستيفان وماري، فهما يرفضان “النزهات الفاخرة التي يشعران خلالها بأنهما يهدران وقتهما”، ويفضلان تناول العشاء مع أصدقائهما.يتميز وقت الفراغ أيضًا بكونه متاحًا للعائلة وللالتزامات غير الأنانية وللصداقات الحقيقية.

ترك فراغ بسيط في أنفسنا لتوفير مساحة أكبر لله

تكمن الخطوة النهائية في التحرر من ذواتنا. فكلما كبرت المساحة المتوفرة فينا، زادت المساحة التي يمكن أن يشغلها الله إذا كنا على استعداد للتخلي عن ذواتنا. إن قلوبنا معقدة؛ ألا نشعر أحيانًا بأننا مصابين بالفصام ومشتتين بين تطلعاتنا العميقة وتجاوزات حبنا لذواتنا؟ “إن حياتنا مشتتة في عدة اتجاهات، لذا فهي تصبح أكثر تعقيدًا وتفقد شفافيتها، ويتضخّم القلب والشفتان، وتضطرب النظرات وتتضاعف الأقنعة”؛ بحسب ما كتب الأخ فيليب الكرملي في مراجعة الكرمل عن البساطة، المعنوَنة بـ”Vives Flammes” رقم 257.

مع صورة زنابق الحقل، يدعونا الرب إلى التخلي عن القلق والاهتمام بملكوته فقط؛ من الضروري التخلي عن الشخصيات التي صنعناها لأنفسنا. قال الأب موليني: “يعني ذلك قبول خسارة الأرض، وهو حدث مخيف، لكننا سنعتاد عليه بشكل أفضل كلما كنا أكثر مرونة”. هذا هو مسار الطفولة الروحية الذي أشار إليه يسوع: “عِش كطفل، غير مهتم لذاتك ومليئًا بالثقة”، وفقًا للأخ هنري الكرملي. عادة، لا يخاف الطفل بل يندهش: “عندما نعيش في الرخاء وفي السباقات، نصبح عميانًا ولا نستطيع رؤية الهدايا التي يمنحنا إياها الله باستمرار. يسعدني أن أرى الشمس تشرق؛ وفي الريف، أجد الثناء من جديد ويهدأ قلبي”، كما تقول إيزابيل. كلما كنا أبسط، اقتربنا من الله أكثر. لكن العكس صحيح أيضًا: “كلما اقتربنا من الله، أصبحنا بسطاء أكثر”، كما قالت الأم فيبروني للقديسة تيريزا الطفل يسوع. وكلما اقتربنا من الله، وجدنا ذواتنا أيضًا، لأن النفس تخرج من ثنايا الخطيئة وتظهر في حقيقتها. إن البساطة هي مصطلح وهدف لرحلتنا؛ ويختتم الأخ هنري قائلًا: “إنها موجودة أمامنا في أحضان الآب الذي ينتظرنا، وهي هبة من الله تحوِّلنا وتتجاوز تعقيداتنا، لأنها العلاج لها”.

 

Continue Reading
Click to comment

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

*

code

أخبار دينية احتماعية

هل يمكننا جميعا ان نصلي هذه الصلاة؟؟؟؟ صلاة محبة الفقراء

إن كنت تقرأ هذا المقال فذلك تحديداً بفضل سخائك وسخاء عدد كبير من أمثالك الذين يجعلون من مشروع أليتيا التبشيري واقعاً. وإليك بعض الأرقام: –      ٢٠ مليون مُستخدم يقرأون Aleteia.org شهرياً.  –      تصدر أليتيا بشكل يومي بثماني لغات: الفرنسيّة، الإنجليزيّة، العربيّة، الإيطاليّة، الإسبانيّة، البرتغاليّة، البولنديّة والسلوفانية.  –      يتصفح قراؤنا…

Avatar

Published

on

By

النظام الغذائي النباتي قد يؤدي لنقص فيتامين بي 12 وتضرر الأعصاب

إن كنت تقرأ هذا المقال فذلك تحديداً بفضل سخائك وسخاء عدد كبير من أمثالك الذين يجعلون من مشروع أليتيا التبشيري واقعاً. وإليك بعض الأرقام:

      ٢٠ مليون مُستخدم يقرأون Aleteia.org شهرياً. 

      تصدر أليتيا بشكل يومي بثماني لغات: الفرنسيّة، الإنجليزيّة، العربيّة، الإيطاليّة، الإسبانيّة، البرتغاليّة، البولنديّة والسلوفانية. 

      يتصفح قراؤنا شهرياً أكثر من ٥٠ مليون صفحة.

      يُتابع ما يُقارب الأربعة ملايين شخص أليتيا عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

      تنشر أليتيا شهرياً ٢٤٥٠ مقال وما يُقارب الـ٤٠ فيديو.

      يعمل ٦٠ شخصا بدوام كامل على هذا المحتوى بالإضافة الى ٤٠٠ معاون (من كُتّاب وصحافيين ومترجمين ومصورين…)

إن هذه الأرقام ليست سوى ترجمة لجهد كبير. نحن بحاجة الى دعمكم للاستمرار في تقديم خدماتنا للجميع بغض النظر عن مكان سكنهم وسواء كان بمقدورهم الدفع أم لا.

ادعموا أليتيا بدولار على الأقل لن يتطلب ذلك منكم أكثر من دقيقة. شكراً. 

Continue Reading

أخبار دينية احتماعية

إن كنا نملك العطايا فذلك لكي نكون بدورنا عطايا للآخرين

بمناسبة اليوم العالمي الرابع للفقراء ترأس قداسة البابا فرنسيس صباح الأحد القداس الإلهي في بازيليك القديس بطرس، وللمناسبة ألقى الأب الاقدس عظة قال فيها إن المثل الذي سمعناه لديه بداية ومحور ونهاية، ينيرون بداية ومحور ونهاية حياتنا.تابع البابا يقول البداية. يبدأ كلُّ شيء بخير كبير: رب البيت لا يحتفظ بثروته لنفسه، بل يعطيها لعبيده، أَحَدَهُم…

Avatar

Published

on

By

النظام الغذائي النباتي قد يؤدي لنقص فيتامين بي 12 وتضرر الأعصاب

بمناسبة اليوم العالمي الرابع للفقراء ترأس قداسة البابا فرنسيس صباح الأحد القداس الإلهي في بازيليك القديس بطرس، وللمناسبة ألقى الأب الاقدس عظة قال فيها إن المثل الذي سمعناه لديه بداية ومحور ونهاية، ينيرون بداية ومحور ونهاية حياتنا.

تابع البابا يقول البداية. يبدأ كلُّ شيء بخير كبير: رب البيت لا يحتفظ بثروته لنفسه، بل يعطيها لعبيده، أَحَدَهُم خَمسَ وَزَنات، وَالثّانِيَ وَزنَتَين، وَالآخَرَ وَزنَةً واحِدَة، كُلًّا مِنهُم عَلى قَدرِ طاقَتِهِ. كانت كلُّ وزنة تساوي أجرة خمس وعشرين سنة تقريبًا وكان ذلك خير وفير يكفي للحياة بأسرها. هذه هي البداية، وبالنسبة لنا أيضًا كلُّ شيء يبدأ بنعمة الله الذي هو أب وقد وضع بين أيدينا خيورًا كثيرة إذ أوكل إلى كلِّ فرد منا وزنات مختلفة. نحن نحمل ثروة كبيرة لا تتعلّق بعدد الأمور التي نملكها وإنما بما نحن عليه: أي الحياة التي نلناها والخير الموجود في داخلنا والجمال الذي لا يمكن لشيء أن يقمعه والذي منحنا الله إياه لأننا على صورته وكل فرد منا هو ثمين في عينيه وفريد ولا بديل له في التاريخ!

أضاف الأب الأقدس يقول كم من المهمِّ أن نتذكّر هذا الأمر: كثيرًا عندما ننظر إلى حياتنا نرى فقط ما ينقصنا، فنستسلم عندها لتجربة الـ “حبذا لو!…”، حبذا لو كان لدي ذلك العمل، حبذا لو كنت أملك ذلك البيت، حبذا لو كان لدي المال والنجاح، حبذا لو لم يكن لدي تلك المشاكلة، حبذا لو كان هناك أشخاص أفضل من حولي!… إن وهم الـ “حبذا لو” يمنعنا من رؤية الخير ويجعلنا ننسى الوزنات التي نملكها. لكنَّ الله قد أوكلها إلينا لأنّه يعرف كلُّ فرد منا ويعرف ما نحن قادرون على فعله؛ هو يثق بنا بالرغم من ضعفنا وهشاشتنا. هو يثق أيضًا بذلك العبد الذي سيخفي الوزنة: ويأمل، بالرغم من مخاوفه، أنّ يستعمل هو أيضًا بشكل جيّد الوزنة التي نالها. إن الله يطلب منا أن نجتهد في الوقت الحاضر بدون حنين للماضي وإنما في الانتظار العامل لعودته.

تابع الحبر الأعظم يقول نصل إلى محور المثل: إنه عمل العبيد، أي الخدمة. الخدمة هي أيضًا عملنا ذلك الذي يجعل وزناتنا تُثمر ويعطي معنى للحياة: في الواقع إن الذي لا يحيا ليخدم لا يصلح للحياة. لكن ما هو أسلوب الخدمة؟ إن العبيد الصالحين بحسب الإنجيل هم الذين يخاطرون. ليسوا مُتحسِّبين وحذرين، ولا يحتفظون بما نالوه بل يتاجرون به. لأن الخير إذا لم يُستَثمَر يضيع؛ ولأن عظمة حياتنا لا تتعلّق بما ندَّخِره وإنما بالثمار التي نحملها. كم من الأشخاص يقضون حياتهم فقط في التجميع والتكديس ويفكّرون في أن تكون حياتهم جيّدة أكثر من أن يصنعوا الخير. ولكن كم هي فارغة تلك الحياة التي تتبع الاحتياجات بدون أن تنظر إلى من هو معوز وفي حاجة! إن كنا نملك العطايا فذلك لكي نكون بدورنا عطايا للآخرين.

أضاف الأب الأقدس يقول تجدر الإشارة إلى أن العبدين اللذين استثمرا وخاطرا دُعيا أربع مرات بصفة “أمين”، فبالنسبة للإنجيل لا وجود للأمانة بدون المخاطرة. أن نكون أمناء لله يعني أن نبذل حياتنا في سبيل الآخرين وأن نسمح للخدمة بأن تقلب مخططاتنا ومشاريعنا. إنّه لأمر محزن أن يكون المسيحي في موقف الدفاع فقط، ومتمسّك فقط بالحفاظ على الشريعة واحترام الوصايا. هذا الأمر لا يكفي، لأن الأمانة ليسوع ليست فقط عدم ارتكاب الأخطاء. هكذا فكّر العبد الكسلان في المثل: إذ كان يفتقد لحس المبادرة والإبداع اختبأ خلف خوف بدون فائدة ودفن الوزنة التي نالها في الأرض. وبالتالي وصفه ربّ البيت بالـ “شرّير”، علمًا أنّه لم يقم بأي تصرّف شرّير! نعم ولكنّه لم يقم أيضًا بأي تصرّف صالح، وفضّل أن يخطئ بالإهمال بدلاً من أن يخاطر ويخطئ. لم يكن أمينًا لله الذي يحب أن يبذل نفسه في سبيل الآخرين وسبب له الإساءة الأسوأ: أعاد إليه العطايا التي نالها. لكن الرب يدعونا لكي نخاطر بسخاء ونتغلّب على الخوف بشجاعة الحب ونتخطّى الخمول والكسل الذي يُصبح تواطئًا ومشاركة في الجريمة. ولذلك في زمن الشك والهشاشة هذا لا نضيِّعَنَّ حياتنا بالتفكير في أنفسنا فقط، ولا نوهمنَّ أنفسنا قائلين: “هناك سلام وأمان!”. يدعونا القديس بولس لكي ننظر إلى الواقع وجهًا لوجه ولكي لا نسمح للامبالاة أن تعدينا.

تابع البابا فرنسيس يقول كيف نخدم إذًا بحسب رغبة الله؟ يشرح رب البيت ذلك للعبد الخائن: “كانَ عَلَيكَ أَن تَضَعَ مالي عِندَ أَصحابِ المَصارِف، وَكُنتُ في عَودَتي أَستَرِدُّ مالي مَعَ الفائِدَة”. من هم بالنسبة لنا أصحاب المصارف القادرين على أن يؤمِّنوا لنا فائدة دائمة؟ إنهم الفقراء: هم يضمنون لنا إيرادًا أبديًّا ويسمحون لنا منذ الآن أن نغتني بالمحبة. إن سفر الأمثال يمدح امرأة عاملةً في المحبة، تفوق قيمتها اللآلِئُّ: وبالتالي علينا أن نتشبّه بهذه المرأة التي يقول عنها النص إنها “تَبسُطُ كَفَّيهَا لِلفَقِيرِ، وَتَمُدُّ يَدَيهَا إِلَى المِسكِينِ”. مُدَّ يدك إلى المحتاج، بدلاً من أن تطالب بما ينقصك: فتُضاعف هكذا المواهب التي نلتها.

أضاف الحبر الأعظم يقول نصل هكذا إلى نهاية المثل: هناك من سيُعطى فَيَفيض وَمَن سيضيّع حياته ويبقى فقيرًا. في نهاية الحياة ستظهر الحقيقة: سيغيب إدعاء العالم الذي وبحسبه يعطي النجاح والسلطة والمال المعنى للحياة، بينما سيظهر الحب الذي منحناه للآخرين على أنّه الغنى الحقيقي. يكتب أحد آباء الكنيسة العظام: “هكذا يحدث في الحياة: بعد أن يأتي الموت وينتهي العرض، يخلع الجميع أقنعة الغنى والفقر ويتركون هذا العالم. ويتم الحكم عليهم فقط على أساس أعمالهم، بعضهم أغنياء حقًّا، وبعضهم فقراء”. وبالتالي إذا كنّا لا نريد أن نحيا بفقر، لنطلب نعمة أن نرى يسوع في الفقراء وأن نخدم يسوع في الفقراء.

وختم البابا فرنسيس عظته بالقول أرغب في أن أشكر العديد من خدام الله الأمناء الذين لا يجعلون الأشخاص يتحدّثون عنهم ولكنّهم يعيشون هذه الشهادة. أفكّر على سبيل المثال بالأب روبيرتو ملغيزيني. هذا الكاهن لم يكن يقدّم نظريات؛ وإنما كان يرى ببساطة يسوع في الفقراء ومعنى الحياة في الخدمة. كان يمسح الدموع بوداعة باسم الله الذي يعزّي. كانت الصلاة بداية يومه لكي يقبل نعمة الله، والمحبة محور يومه لكي يجعل الحب الذي ناله يثمر، وختامه شهادة صافية للإنجيل. لقد فهم أنّه عليه أن يمدَّ يده للعديد من الفقراء الذين كان يلتقي بهم يوميًّا، لأنّه كان يرى يسوع في كلِّ واحد منهم. لنطلب نعمة ألا نكون مسيحيي كلمات وإنما أفعال لكي نُثمر كما يريد يسوع.

Continue Reading

أخبار دينية احتماعية

كيف نوقظ الوعي الموسيقي لدى أطفالنا؟

يتشكّل إحساس الطفل الفني منذ نعومة أظفاره، وبالتالي مساعدة طفلنا على تذوّق الموسيقى ليس بالأمر الصعب إذا ما قمنا به بالطريقة المناسبة.تقدّم ماري-بيار بيكو، وهي أم وعازفة أرغن ومعلّمة موسيقى، بعض النصائح للأهل ليتمكنوا من نقل شغفهم بالموسيقى إلى أولادهم.كيف نجعل طفلنا يكتشف الجمال من خلال الموسيقى؟علينا إشراك عاطفة الطفل ومشاعره. فإذا أردتم أن تأخذوا…

Avatar

Published

on

By

النظام الغذائي النباتي قد يؤدي لنقص فيتامين بي 12 وتضرر الأعصاب

يتشكّل إحساس الطفل الفني منذ نعومة أظفاره، وبالتالي مساعدة طفلنا على تذوّق الموسيقى ليس بالأمر الصعب إذا ما قمنا به بالطريقة المناسبة.

تقدّم ماري-بيار بيكو، وهي أم وعازفة أرغن ومعلّمة موسيقى، بعض النصائح للأهل ليتمكنوا من نقل شغفهم بالموسيقى إلى أولادهم.

كيف نجعل طفلنا يكتشف الجمال من خلال الموسيقى؟

علينا إشراك عاطفة الطفل ومشاعره. فإذا أردتم أن تأخذوا طفلكم لحضور حفلة موسيقية، اصطحبوا صديقه المفضّل أيضًا! أشرحوا له عن حبّكم لموسيقى معيّنة وأخبروه بما يذكركم المقطع الموسيقي المفضّل لديكم. فعلى سبيل المثال، يعيد جوهان باشلبل الباس في مقطوعاته التي تعكس بالتالي الثبات والإصرار، وأنا أرى أن هذه الموسيقى هي صورة لإصرار الإنسان. كما عليكم أن تشرحوا لطفلكم عن سبب عدم إعجابكم بنوع معيّن آخر من الموسيقى. وافعلوا الشيء نفسه في الرسم وأمام اللوحات الفنية حيث عليكم أن تقولوا لطفلكم مثلًا أنكم تحبون ألوانها ولكنّكم لا تفهمون معناها.

بأي نوع من الموسيقى نبدأ؟

علينا اقتراح جميع أنواع الموسيقى على أطفالنا. فقد نأخذهم مثلًا إلى اختبارات المدارس الموسيقية، أو الحفلات الموسيقية الخاصة بعيد الميلاد، أو حتّى إلى الأوركسترا، حيث غالبًا ما نجد جمهورًا مناسبًا ونحظى بتصفيق كبير. فما يحصل داخل هذه الصالات هو المهم بالنسبة إلى الطفل الذي يقدر على إدراك جميع هذه الأحداث. عليكم إذًا أن تصطحبوا جميع أطفالكم، حتّى الصغار منهم الذين ما يزالون ينامون مع لعبتهم، إلى هذه الحفلات الموسيقية. ولا تنتظروا بلوغهم سنّ المراهقة، فالمراهقون كثيرو الانتقاد. أمّا فيما يخص أنواع الموسيقى، فكلّها جيّدة مثل الموسيقى الكلاسيكية أو حتى تنوعاتها مثل “البيتلز”.

وأخيرًا، علينا إعطاء أطفالنا فرصة اختبار المشاعر الموسيقية المكثفة. وعلى سبيل المثال، عندما كنت في سنّ الخامسة، سمعت غناء امرأة ترتدي ثوبًا باللون الأحمر القرمزي، ولا زلت أتذكر هذا الحدث حتى اليوم لأن هذه المرأة جعلتني أرغب بالدخول إلى عالم الموسيقيين. ولكن احذروا، فعليكم إعطاء جرعات صغيرة من الموسيقى لكي لا يفقد طفلكم رغبته. اتركوا لطفلكم حريّة اختيار الموسيقى التي تناسب ذوقه. فلن ينقص حبّ والداه له إذا ما لم يحب نوعًا معينًا من الموسيقى!

كيف نتعامل مع الطفل الذي يحب الموسيقى العصرية؟

عندما يكتشف طفلكم مغنيًا عصريًا، اسألوه عمّا إذا كان يعجبه، وإذا كان يعتبره ذكيًا، وعمّا إذا كان يرغب بالتعرّف إليه، فمن المهم أن نجعل الطفل يعبّر عن سبب حبّه لهذا المغني. كما يحقّ للأهل أن يعبّروا عن عدم إعجابهم بهذا المغني أو بموسيقاه من دون أن يصفوه بالرديء.

علينا أن نفهم أن المراهقين يبحثون دائمًا عن قدوة ليحتذوا بها، وهم بحاجة للمشاركة في مجموعة يتشارك أعضاؤها الأشياء التي يحبونها. فكلّما شعر المراهق بحريته باختيار الفنان الذي يريده، كلّما أسرع بالتخلّص من هذا الإعجاب. وانتبهوا من روح المعارضة، فإذا قلتم لهذا المراهق بأن فنّانه المفضّل سيء، سيتشبث برأيه. أعطوا إذًا أطفالكم حرية اختيار فنانيهم المفضلين ولكن في الوقت نفسه وجهوهم إلى أشخاص آخرين. بإمكاننا على سبيل المثال إسماعهم مغنين من عصرنا ليتمكنوا من خلق صلة وصل مع الموسيقى القديمة

يتغيّر ذوق الأطفال الموسيقي مع تغيّر سنهم، والنضج يتحكّم فيه. فلكلّ عمر ذوقه الخاص، لذا بإمكاننا أن نقول إن مرحلة “الذوق الموسيقي السيء” لدى الأطفال هو طريق لا بدّ من سلوكه.

هل يمكن للجميع الاستمتاع بالموسيقى؟

ليس من الضروري أن يكون المرء خبيرًا للاستمتاع بالموسيقى، بل يكفيه أن يتعلّم أن يحلم على إيقاع موسيقى معينة من دون التردّد بالبوح بما يجول في ذهنه، وبالتالي ترجمة هذا الشعور الموسيقى إلى كلام. من المهم أيضًا أن نجعل أطفالنا يتذوقون عرضًا موسيقيًا دون الآخر. فعلى سبيل المثال، لاحظ أطفالي أنهم قد يرقصون على أنغام عرض موسيقي معيّن، بينما لم يكن لعرض آخر لنفس الموسيقى أي تأثير عليهم!

ولكن قد يتطلّب بعض أنواع الموسيقى قليلًا من التفسير!

بالتأكيد. فالمنظور الذي نتذوق الموسيقى من خلاله، سواء كان فكريًا أو علميا، يولّد مشاعر موسيقية قوية. أهدتني والدتي ذات يوم سوناتًا لسيزار فرانك وقد استمعت إليه كثيرًا إلى أن أحببته. فقد تختلف بعض الألحان عن بعضها البعض من ناحية صعبة فهمها، ولكنها قد تنتج آثارًا تشبه التأثيرات الضوئية المستخدمة في اللوحات المائية…

ما هي نصيحتكم للأهل الذين يرغب أطفالهم بتعلّم العزف على آلة موسيقية ما؟

أهم شيء برأيي هو أن يتعلّم الطفل لدى معلّم إنساني جدًا، فتعلّم الموسيقى يشمل جزءًا عاطفيًا كبيرًا. فمثلًا، تسعى ابنتي التي تعزف على الكمان أن تعزف مقطوعتها تمامًا كما عزفها معلّمها أمامها، وذلك لأن لديها العديد من النقاط المشتركة معه. كما أن المعلّم الجيد هو الذي يريد تنمية تلاميذه، فإذا تلقى التلميذ الاحترام اللازم، سيشعر بالحريّة عند العزف على آلته. وفي الحقيقة، إنّ العزف الموسيقي هو إظهار نفسنا على طبيعتنا.

ولهذا السبب لا أتردد في التشديد على ضرورة اختيار المعلّم قبل الآلة الموسيقية حتى. فإذا لم يطوّر التلميذ علاقة متينة مع أستاذه، من الأفضل ألّا نصرّ عليه. وقد يكون المعلّم السيء “ضارًا” على المدى البعيد للطفل الذي يتمتّع بموهبة موسيقية حقيقية.







إقرأ أيضاً

كيف نعيد إحياء علاقتنا الزوجية بعد أن وصلنا إلى طريق مسدود؟





brother, sister, boy, girl, sad, comforts



إقرأ أيضاً

كيف توقظ التعاطف لدى أطفالك وتنمّيه؟



Continue Reading
error: Content is protected !!