ما هي أفضل الأساليب التي يمكن للثنائي أن يستخدمها لتواصل أمثل؟
يرغب جميع العشّاق في التحدّث بطريقة عميقة، إلّا أن العديد منهم يستاؤون من عدم قدرتهم على ذلك لأن الحوار يمثّل تحديًا كبيرًا لأي ثنائي. أين تكمن هذه الصعوبات وكيف يمكن للثنائي تخطّيها؟من الصعب أن يعبّر المرء عن مشاعره وحتّى لشريكه، فالتعبير أساس العلاقة الزوجية السعيدة. تقول مستشارة العلاقات الزوجية ماري-مادلين ديفيير إننا نفتقد في بعض…
يرغب جميع العشّاق في التحدّث بطريقة عميقة، إلّا أن العديد منهم يستاؤون من عدم قدرتهم على ذلك لأن الحوار يمثّل تحديًا كبيرًا لأي ثنائي. أين تكمن هذه الصعوبات وكيف يمكن للثنائي تخطّيها؟
من الصعب أن يعبّر المرء عن مشاعره وحتّى لشريكه، فالتعبير أساس العلاقة الزوجية السعيدة. تقول مستشارة العلاقات الزوجية ماري-مادلين ديفيير إننا نفتقد في بعض الأحيان الطريقة المناسبة للقيام بذلك وهي معرفة احتياجاتنا الخاصة. فيما يلي بعض المعلومات التي تعطينا إيّاها المستشارة.
ما الذي يدمّر حياة الزوجين؟
تقول ماري-مادلين ديفيير إن سمّ الحياة الزوجية هي اللامبالاة التي تدخل بين الزوجين وتؤدي إلى انقطاع التواصل بينهما. فعندما نتأذى، ثمّة ثلاث ردّات فعل تصدر منّا: الأولى هي أن نصمت لنصل إلى سلامنا الداخلي، والثانية هي التصرف بعدوانية، والثالثة هي التلاعب بالآخر لجعله يفكّر بالطريقة التي نفكّر بها نحن. وغالبًا ما تكون النساء أكثر عدوانية من الرجال لأنهنّ تجدن سهولة في إيجاد الكلمات المناسبة، سواء كلمات تهدّئ الأمور أو كلمات تنتقد الآخر. ولكن مهما كانت ردّة فعلنا، يدخل كلّ منّا في قوقعة لحماية نفسه كي لا يتمّ الوصول إليه. ولكن مع مرور الوقت، نجد أنفسنا قد بدأنا نعيش بالتوازي من دون الاهتمام بشريكنا وبمشاعره.
هل تمنع هذه القوقعة الحوار؟
تشير المستشارة الزوجية إلى أنّه من السهل أن يتواصل الزوجان ويتكلّمان عن أمور الحياة مثل العمل والأشخاص الذين يلتقيان بهم والأفعال اليومية التي يقومان بها، ومن الشائع أن يتشاركا بآرائهما السياسة أو بمنظورهما حول حدث معيّن وما إلى ذلك. بإمكاننا أن نعتبر هذين المستويين مهميّن لأنّهما يساعدان الثنائي على التعرّف على بعضهما البعض، إلّا أنهما ليسا كافيان. فالحياة الحميمة بين الزوجين تبنى من خلال التبادل على مستوى ثالث وهو مستوى الإحساس الذي يعرّف الشخص على أعماق شريكه من ناحية التفكير والجسد والقلب.
أين تكمُن صعوبة مشاركة هذه المشاعر؟
يكشف التواصل جراح الماضي التي لم تتعافَ بعد، تمامًا كحياة الثنائي، بحسب ماري-مادلين ديفيير التي تقول إنّها تتذكر مهندسًا كان يصبح عنيفًا كلّ ما خاصمته زوجته. فردّة فعله المفرطة هذه تشير إلى مشكلة ما كان يعاني منها في ماضيه. لقد تربّى زوجها بطريقة قاسية جدًا، فحين كان يتشاجر مع والديه حول أمر ما، كانا يردّدان على مسمعه بشكل مستمر جملة “هذا هو الحال سواء رضيت به أم لا”، ممّا كان يمنع أي فرصة لمناقشتهما. لم يتمكّن في طفولته من التعبير عن غضبه، لذلك يذكّره صمت زوجته بهذه الفترة التي لم يتخطاها بعد. ومن هنا أهمية مشاركة الشريك الطريقة التي تربيّنا بها وحياتنا العائلية قبل الزواج وطريقة إدارتنا للمال والأشياء التي نقبلها وتلك التي لا نتحمّلها، وما إلى ذلك.
كيف يمكننا التواصل بعمق؟
تخبرنا مستشارة العلاقات الزوجية قصّة امرأة أرادت الانضمام إلى نادي لعب الورق الذي يشارك فيه زوجها وهو المعروف باحترافيّته في هذه اللعبة. وعندما طلبت منه ذلك، أجابها قائلًا: “يجب عليك أن تأخذي دروسًا في هذه اللعبة، ولن أسمح لك بالمجيء إن لم تقومي بذلك لأنّ لعبك سيء جدًا! قد تجعلين منّي مهزلة أمام الجميع”. وتختصر إجابته هذه أسوء أربعة طرق للتواصل وهي: استخدام صيغة الأمر، والتهديد، والتقليل من شأن الآخر، وإشعاره بالذنب. إلّا أن التواصل الفعّال يتمثل باستخدام أربعة أساليب وهي: الطلب، والرفض، والأخذ، والعطاء. ولنتمكّن من ذلك، علينا أن نتجرّأ على الطلب وعلى التعبير عن معارضتنا وعن شعورنا تجاه تصرّفات شريكنا. فغالبًا لا نتجرّأ على الرفض خشية من أن يتوقّف الآخر عن حبّنا. لكنّ الأمر عكس ذلك تمامًا، لأن ذلك الرفض يساعدنا على الحصول على احترام الشريك ضمن الحدود التي نضعها!
الأمر ليس بسهل في كلّ الأوقات أمام الأطفال والأصدقاء…
تنصحنا مستشارة العلاقات الزوجية ماري-مادلين ديفيير بأنّه من الأفضل عدم فتح باب للنقاش عندما نكون غاضبين لأن الأمر قد يكون مدمّرًا لعلاقتنا، ولكن من الممكن أن نخبر شريكنا بأننا نرغب في التحدّث معه في وقت آخر، ومن ثم القيام بذلك مهما تأخرنا وابتعدنا عن الحادثة. ذات مساء، عاد رجل من عمله باكرًا ليخبر زوجته أنّ منصبه قد تغيّر وحصل على زودة على راتبه، فكانت ردة فعل زوجته باردة: “حقًا؟ هذا أمر جيّد”. فهل بإمكانكم أن تتوقعوا الصدمة التي تلقاها الزوج؟ فلو كان قد سألها عن أحوالها لعرف أن يومها كان مروعًا في العمل وأنّ الأولاد كانوا مزعجين وأنّ الغسالة قد تعطّلت للتو. فلو شعرت بأنه يهتم لسماع ما لديها، لكانت تجاوبت مع زوجها بطريقة أفضل.
ما هي نصيحتك للزوجين عندما يتشاجران وعندما لا يكون الحوار ممكنًا بينهما؟
بحسب ماري-مادلين ديفيير، نحن نتواصل في البداية حول كلّ ما يجمعنا، ولكن مع مرور الوقت، نبدأ بالتواصل حول كلّ ما يفرّقنا، ولذلك ينتهي بنا المطاف في التواصل بطريقة عنيفة، وكأننا نلعب كرة الطاولة. فإذا ضربنا طابة بالحائط، ستعود إلينا بالقوة نفسها، تمامًا كحال الانتقادات والتوبيخات والمجاملات والكلمات اللطيفة التي تخرج من فمنا. ما دام الزوجان يلعبان دور الضحية والجلّاد لن يتمكّنا من تسوية الخلاف الناشئ بينهما. ففي غالبية الأحيان نتشبّص برأينا ولا نصغي للطرف الآخر عندما يتكلّم معنا، بل نفكّر بماذا سنجيبه! ليس من المهم معرفة أي من الطرفين على حق، بل الأهم هو استيعاب حقيقة أن الطرف الآخر قد تأذى. فتكون طريقة التسوية الوحيدة هي تقبّل وجهة نظر شريكنا.
هل يُعتبر فرض الحوار مهما كان الثمن في ظلّ هذه الظروف أمرًا محكومًا عليه بالفشل؟
تؤكّد ماري-مادلين ديفيير هذا الأمر وتقول إنّ الأزواج الذين يمرّون بصعوبات في حياتهم يتأثرون بذلك كثيرًا، لذا يحتاجون إلى فترة نقاهة حيث يهتمون بأنفسهم ويسترخون معًا. فمن شأن الأنشطة المشتركة، أفنية كانت أو رياضية، أن تساعدهم على إعادة التواصل بطريقة لطيفة.
وماذا بعد ذلك؟
تقول ماري-مادلين ديفيير إنّ ثمّة أسلوب ينطلق من تحديد احتياجات كلّ فرد من الثنائي. فيقوم كلّ منهما بإعداد قائمة باحتياجاته الشخصية، سواء كان الرجل أو المرأة، الزوج أو الزوجة، الأب أو الأم، وخاصة أن الفرد الثاني لا يمكنه معرفة كلّ شيء، لاسيّما الاحتياجات الشخصية. فعلى سبيل المثال، تذكّرت الزوجة أنها كانت مهووسة بالنحت، وأراد الزوج أن يعود إلى ممارسة الرياضية. ومن هنا يعود الأمر للزوجين لإيجاد الطرق المناسبة للقيام بما يحبّان: فبإمكان أحدهما أن يبقى مع الأولاد بينما يخرج الآخر لممارسة هواياته. فالوقت الذي يقضيه الشخص منفردًا مع ذاته يمكّنه من إعادة شحن روحه.
تلّقت بعض الأجيال تعاليم مسيحية خاطئة فرضت على الأشخاص نسيان أنفسهم، فكان الاهتمام بالذات يولّد الشعور بالذنب. وكان أحد الأطباء النفسيين الملحدين يقول: “أنا معجب بكم أنتم المسيحيون كثيرًا، فأنتم دائمًا في خدمة الآخرين، ولكنّكم لا تخصصون وقتًا أبدًا للمساكين وهم أنفسكم…”
ألا يكفي عطاؤنا للآخرين لإيجاد توازننا؟
تفسّر لنا ماري-مادلين ديفيير كيف أنّنا نحتاج جميعًا للشعور بأن ثمّة من يقدّرنا، فإذا لم نجد ذلك الشخص في منزلنا أو عائلتنا، نبحث عنه في مكان آخر سواء في العمل، أو في أماكن ترفيهنا، أو حتى في التزاماتنا الرعوية أو الجمعيات في بعض الأحيان. ويخلق ذلك احتمالات كبيرة للجوء إلى هذه النشاطات وبالتالي إتاحة الفرصة أمام الخيانات الزوجية المتخفية. فعندما نسأل أحد هؤلاء الأشخاص المنخرطين كثيرًا في عالمهم الخارجي ما إذا كانوا يستثمرون في علاقاتهم الزوجية بالقدر نفسه الذي يستثمرون فيه في أنشطتهم الخارجية، غالبًا ما تكون الإجابة تعيسة. فغالبية الأزواج يجاوبوننا بأنهم لم يخرجوا سويًا منذ بضع سنوات.
يصعب على الثنائي في الحقيقة أن يجدا وقتًا خاصًا لهما نظرًا للوقت الذي يقضيه كلّ فرد لوحده، أو يمضياه سويًا مع العائلة والأصدقاء…
تقول ماري-مادلين ديفيير إنّ الأمر هو مسألة أولويات. فماذا أفضّل؟ هل أفضّل أن أقضي عطلة نهاية الأسبوع مع أهل زوجي أو أن أقضيه مع زوجي على انفراد؟ إنّ شريكي هو أقرب صديق إليّ، وهو بالتالي أولويتي. فقبل أن أتوجه إلى أولادي لألقي الصباح عليهم، أخاطبه هو؛ فنحن “زوجان” قبل أن نصبح أبوان. وهذا الحب الزوجي المتبادل ينعكس على أطفالنا.
أنا أنصح الأزواج بأن يخصصوا لأنفسهم على الأقل ليلتين في الشهر، وعطلة نهاية أسبوع كلّ ثلاثة أشهر، وأسبوعًا في السنة، مهمّا كلّف الأمر، وحتّى إذا كانوا يفتقدون الرغبة بذلك نتيجة التعب أو الغضب أو حتّى لعدم معرفة أين عليهم ترك أطفالهم. ولسوء الحظ، يجد الأزواج دائمًا حججًا للتهرّب من هذه المواعيد، فيظنون في البداية إنّ باستطاعتهم الاستغناء عنها. ولكن إذا لم يهتمّوا بحبّهم بطريقة منتظمة سيتلاشى مع مرور الوقت. فالحياة الزوجية تتغذى من هذه الأوقات، وهي في النهاية تكلّف أقلّ من أتعاب المحامي أو المعالج النفسي… (مبتسمة).
كيف نعبّر عن الاحتياجات التي حدّدناها؟
بحسب ماري-مادلين ديفيير، يمكن للشخص أن يتعلّم ذلك. فغالبًا ما تكون طلباتنا هي احتياجات مقنّعة نقوم في أول الطريق بتلبيتها نظرًا لحبّنا للشخص الآخر، ولكن على المدى الطويل، تخلق مشاعر استياء، وهذا أمر سيء جدًا، لاسيّما للمرأة التي تتمتّع بذاكرة قوية. فإنّ الطلب الحقيقي يعطي الخيار للشخص الآخر بالإجابة بنعم أو كلا. ويقوم بعض الأزواج بلوم الطرف الآخر على شيء لا يرضيهم بدلًا من أن يطلبوا من الآخر تغيير هذا الأمر. تلوم امرأة زوجها قائلة: “يعود زوجي إلى المنزل متأخرًا…” وهي لم تفكّر قط بأن تخبره بأنّها بحاجة إليه.
ليس من السهل أن يتبادل الأشخاص المسامحة، حتّى بين الزوجين. فهل من خطوات يمكن اتّباعها؟
تقول ماري-مادلين ديفيير إنّ: المسامحة ليست بأمر طبيعي وما من سحر فيها، بل هي طريق يجب اتباعها. فتترجم المسامحة صحّة الثنائي الجيّدة وتسمح بتخفيف التوتّر والتخلّص من التبادلات العدوانية والمهينة والعنيفة، كما تساعد على شفاء الجروح، ولكن يجب أن يكون لدينا الرغبة فيها قبل كلّ شيء. يتبادل العديد من الأزواج المسامحات المزوّرة للحصول على السكينة أو لأنّ تربيتهم تتطلّب منهم أن يسامحوا. أتوجه إلى الأزواج المسيحيين وأنصحهم بأن يطلبوا في كلّ صباح نعمة من الله: نعمة تقبّل الآخر كما هو عليه، أو نعمة الحب – لأن العديد من الأزواج فقدوا الرغبة بذلك – نعمة التعرّف على الأشياء الجيدة في الشريك، أو حتى نعمة النسيان. وتتطلّب المسامحة الحقيقية استجواب الذات وندمًا ورغبة حقيقية في التغيير. فالمسامحة ترمّم العلاقات وتجدّد سرّ الزواج.
كيف يمكننا عيش سرّ الزواج بشكل كامل؟
بحسب ماري-مادلين ديفيير، إنّ ما يرسمه الله للزوجين مذهل جدًا. فعندما يقولان النعم الأبدية يتخذان مهمة مقدّسة. الرغبة وحدها غير كافية لسرّ الزواج، لأنّها قد تختفي مع الوقت. لذا يجب على الزوجين الاعتماد على مصادر أعمق لتغذية سرّ زواجهما بشكل يومي، وهي: الإيمان والنعمة. فسرّ الزواج يشمل كلّ شيء: الثقة والإخلاص والقوة والشجاعة والمسامحة والرجاء. فالطلب من الله نعمه ينعش سرّ الزواج ويعيده إلى الحياة. “يا ربّ، اسكن الجهات المظلمة والتي لا يمكن تحمّلها في علاقتي”.
ما هي الإجراءات التي يجب أن يعتمدها الزوجان اللذان خرجا مؤخرًا من أزمة ما؟
تقول ماري-مادلين ديفيير إنّ الثنائي الذي لا مشروع ولا هدف له هو ثنائي يحتضر، فعندما يجد الزوجان مشروعًا وهدفًا مشتركًا، يساعدهما ذلك على تخيّل أنفسهما معًا في المستقبل ومع مرور الوقت. أنا أرجو من الشريكين أن يجدا خمس مقترحات للعيش معًا عندما يضجران، على أن تكون اثنتين منهما مجنونتين؛ ويقع على عاتقهما أن يجدا طرق إبداعية وخيالية. ومن المحتمل أن يواجه الرجل صعوبة في ذلك لأنّ وجوده مع زوجته يرضيه وبالتالي لا يفهم الفتور الذي تشعر به. وعلى كلّ منهما بعد ذلك أن يختار العيش بإحدى اقتراحات شريكه. تجرّأوا على العيش بطريقة مجنونة! حتى ولو كانت غير منطقية أو بدت غير مجدية من ناحية النتيجة. فهذه الأمور تساهم في إبقاء العلاقة حيّة.
هل يمكننا جميعا ان نصلي هذه الصلاة؟؟؟؟ صلاة محبة الفقراء
إن كنت تقرأ هذا المقال فذلك تحديداً بفضل سخائك وسخاء عدد كبير من أمثالك الذين يجعلون من مشروع أليتيا التبشيري واقعاً. وإليك بعض الأرقام: – ٢٠ مليون مُستخدم يقرأون Aleteia.org شهرياً. – تصدر أليتيا بشكل يومي بثماني لغات: الفرنسيّة، الإنجليزيّة، العربيّة، الإيطاليّة، الإسبانيّة، البرتغاليّة، البولنديّة والسلوفانية. – يتصفح قراؤنا…
إن كنا نملك العطايا فذلك لكي نكون بدورنا عطايا للآخرين
بمناسبة اليوم العالمي الرابع للفقراء ترأس قداسة البابا فرنسيس صباح الأحد القداس الإلهي في بازيليك القديس بطرس، وللمناسبة ألقى الأب الاقدس عظة قال فيها إن المثل الذي سمعناه لديه بداية ومحور ونهاية، ينيرون بداية ومحور ونهاية حياتنا.تابع البابا يقول البداية. يبدأ كلُّ شيء بخير كبير: رب البيت لا يحتفظ بثروته لنفسه، بل يعطيها لعبيده، أَحَدَهُم…
بمناسبة اليوم العالمي الرابع للفقراء ترأس قداسة البابا فرنسيس صباح الأحد القداس الإلهي في بازيليك القديس بطرس، وللمناسبة ألقى الأب الاقدس عظة قال فيها إن المثل الذي سمعناه لديه بداية ومحور ونهاية، ينيرون بداية ومحور ونهاية حياتنا.
تابع البابا يقول البداية. يبدأ كلُّ شيء بخير كبير: رب البيت لا يحتفظ بثروته لنفسه، بل يعطيها لعبيده، أَحَدَهُم خَمسَ وَزَنات، وَالثّانِيَ وَزنَتَين، وَالآخَرَ وَزنَةً واحِدَة، كُلًّا مِنهُم عَلى قَدرِ طاقَتِهِ. كانت كلُّ وزنة تساوي أجرة خمس وعشرين سنة تقريبًا وكان ذلك خير وفير يكفي للحياة بأسرها. هذه هي البداية، وبالنسبة لنا أيضًا كلُّ شيء يبدأ بنعمة الله الذي هو أب وقد وضع بين أيدينا خيورًا كثيرة إذ أوكل إلى كلِّ فرد منا وزنات مختلفة. نحن نحمل ثروة كبيرة لا تتعلّق بعدد الأمور التي نملكها وإنما بما نحن عليه: أي الحياة التي نلناها والخير الموجود في داخلنا والجمال الذي لا يمكن لشيء أن يقمعه والذي منحنا الله إياه لأننا على صورته وكل فرد منا هو ثمين في عينيه وفريد ولا بديل له في التاريخ!
أضاف الأب الأقدس يقول كم من المهمِّ أن نتذكّر هذا الأمر: كثيرًا عندما ننظر إلى حياتنا نرى فقط ما ينقصنا، فنستسلم عندها لتجربة الـ “حبذا لو!…”، حبذا لو كان لدي ذلك العمل، حبذا لو كنت أملك ذلك البيت، حبذا لو كان لدي المال والنجاح، حبذا لو لم يكن لدي تلك المشاكلة، حبذا لو كان هناك أشخاص أفضل من حولي!… إن وهم الـ “حبذا لو” يمنعنا من رؤية الخير ويجعلنا ننسى الوزنات التي نملكها. لكنَّ الله قد أوكلها إلينا لأنّه يعرف كلُّ فرد منا ويعرف ما نحن قادرون على فعله؛ هو يثق بنا بالرغم من ضعفنا وهشاشتنا. هو يثق أيضًا بذلك العبد الذي سيخفي الوزنة: ويأمل، بالرغم من مخاوفه، أنّ يستعمل هو أيضًا بشكل جيّد الوزنة التي نالها. إن الله يطلب منا أن نجتهد في الوقت الحاضر بدون حنين للماضي وإنما في الانتظار العامل لعودته.
تابع الحبر الأعظم يقول نصل إلى محور المثل: إنه عمل العبيد، أي الخدمة. الخدمة هي أيضًا عملنا ذلك الذي يجعل وزناتنا تُثمر ويعطي معنى للحياة: في الواقع إن الذي لا يحيا ليخدم لا يصلح للحياة. لكن ما هو أسلوب الخدمة؟ إن العبيد الصالحين بحسب الإنجيل هم الذين يخاطرون. ليسوا مُتحسِّبين وحذرين، ولا يحتفظون بما نالوه بل يتاجرون به. لأن الخير إذا لم يُستَثمَر يضيع؛ ولأن عظمة حياتنا لا تتعلّق بما ندَّخِره وإنما بالثمار التي نحملها. كم من الأشخاص يقضون حياتهم فقط في التجميع والتكديس ويفكّرون في أن تكون حياتهم جيّدة أكثر من أن يصنعوا الخير. ولكن كم هي فارغة تلك الحياة التي تتبع الاحتياجات بدون أن تنظر إلى من هو معوز وفي حاجة! إن كنا نملك العطايا فذلك لكي نكون بدورنا عطايا للآخرين.
أضاف الأب الأقدس يقول تجدر الإشارة إلى أن العبدين اللذين استثمرا وخاطرا دُعيا أربع مرات بصفة “أمين”، فبالنسبة للإنجيل لا وجود للأمانة بدون المخاطرة. أن نكون أمناء لله يعني أن نبذل حياتنا في سبيل الآخرين وأن نسمح للخدمة بأن تقلب مخططاتنا ومشاريعنا. إنّه لأمر محزن أن يكون المسيحي في موقف الدفاع فقط، ومتمسّك فقط بالحفاظ على الشريعة واحترام الوصايا. هذا الأمر لا يكفي، لأن الأمانة ليسوع ليست فقط عدم ارتكاب الأخطاء. هكذا فكّر العبد الكسلان في المثل: إذ كان يفتقد لحس المبادرة والإبداع اختبأ خلف خوف بدون فائدة ودفن الوزنة التي نالها في الأرض. وبالتالي وصفه ربّ البيت بالـ “شرّير”، علمًا أنّه لم يقم بأي تصرّف شرّير! نعم ولكنّه لم يقم أيضًا بأي تصرّف صالح، وفضّل أن يخطئ بالإهمال بدلاً من أن يخاطر ويخطئ. لم يكن أمينًا لله الذي يحب أن يبذل نفسه في سبيل الآخرين وسبب له الإساءة الأسوأ: أعاد إليه العطايا التي نالها. لكن الرب يدعونا لكي نخاطر بسخاء ونتغلّب على الخوف بشجاعة الحب ونتخطّى الخمول والكسل الذي يُصبح تواطئًا ومشاركة في الجريمة. ولذلك في زمن الشك والهشاشة هذا لا نضيِّعَنَّ حياتنا بالتفكير في أنفسنا فقط، ولا نوهمنَّ أنفسنا قائلين: “هناك سلام وأمان!”. يدعونا القديس بولس لكي ننظر إلى الواقع وجهًا لوجه ولكي لا نسمح للامبالاة أن تعدينا.
تابع البابا فرنسيس يقول كيف نخدم إذًا بحسب رغبة الله؟ يشرح رب البيت ذلك للعبد الخائن: “كانَ عَلَيكَ أَن تَضَعَ مالي عِندَ أَصحابِ المَصارِف، وَكُنتُ في عَودَتي أَستَرِدُّ مالي مَعَ الفائِدَة”. من هم بالنسبة لنا أصحاب المصارف القادرين على أن يؤمِّنوا لنا فائدة دائمة؟ إنهم الفقراء: هم يضمنون لنا إيرادًا أبديًّا ويسمحون لنا منذ الآن أن نغتني بالمحبة. إن سفر الأمثال يمدح امرأة عاملةً في المحبة، تفوق قيمتها اللآلِئُّ: وبالتالي علينا أن نتشبّه بهذه المرأة التي يقول عنها النص إنها “تَبسُطُ كَفَّيهَا لِلفَقِيرِ، وَتَمُدُّ يَدَيهَا إِلَى المِسكِينِ”. مُدَّ يدك إلى المحتاج، بدلاً من أن تطالب بما ينقصك: فتُضاعف هكذا المواهب التي نلتها.
أضاف الحبر الأعظم يقول نصل هكذا إلى نهاية المثل: هناك من سيُعطى فَيَفيض وَمَن سيضيّع حياته ويبقى فقيرًا. في نهاية الحياة ستظهر الحقيقة: سيغيب إدعاء العالم الذي وبحسبه يعطي النجاح والسلطة والمال المعنى للحياة، بينما سيظهر الحب الذي منحناه للآخرين على أنّه الغنى الحقيقي. يكتب أحد آباء الكنيسة العظام: “هكذا يحدث في الحياة: بعد أن يأتي الموت وينتهي العرض، يخلع الجميع أقنعة الغنى والفقر ويتركون هذا العالم. ويتم الحكم عليهم فقط على أساس أعمالهم، بعضهم أغنياء حقًّا، وبعضهم فقراء”. وبالتالي إذا كنّا لا نريد أن نحيا بفقر، لنطلب نعمة أن نرى يسوع في الفقراء وأن نخدم يسوع في الفقراء.
وختم البابا فرنسيس عظته بالقول أرغب في أن أشكر العديد من خدام الله الأمناء الذين لا يجعلون الأشخاص يتحدّثون عنهم ولكنّهم يعيشون هذه الشهادة. أفكّر على سبيل المثال بالأب روبيرتو ملغيزيني. هذا الكاهن لم يكن يقدّم نظريات؛ وإنما كان يرى ببساطة يسوع في الفقراء ومعنى الحياة في الخدمة. كان يمسح الدموع بوداعة باسم الله الذي يعزّي. كانت الصلاة بداية يومه لكي يقبل نعمة الله، والمحبة محور يومه لكي يجعل الحب الذي ناله يثمر، وختامه شهادة صافية للإنجيل. لقد فهم أنّه عليه أن يمدَّ يده للعديد من الفقراء الذين كان يلتقي بهم يوميًّا، لأنّه كان يرى يسوع في كلِّ واحد منهم. لنطلب نعمة ألا نكون مسيحيي كلمات وإنما أفعال لكي نُثمر كما يريد يسوع.
يتشكّل إحساس الطفل الفني منذ نعومة أظفاره، وبالتالي مساعدة طفلنا على تذوّق الموسيقى ليس بالأمر الصعب إذا ما قمنا به بالطريقة المناسبة.تقدّم ماري-بيار بيكو، وهي أم وعازفة أرغن ومعلّمة موسيقى، بعض النصائح للأهل ليتمكنوا من نقل شغفهم بالموسيقى إلى أولادهم.كيف نجعل طفلنا يكتشف الجمال من خلال الموسيقى؟علينا إشراك عاطفة الطفل ومشاعره. فإذا أردتم أن تأخذوا…
يتشكّل إحساس الطفل الفني منذ نعومة أظفاره، وبالتالي مساعدة طفلنا على تذوّق الموسيقى ليس بالأمر الصعب إذا ما قمنا به بالطريقة المناسبة.
تقدّم ماري-بيار بيكو، وهي أم وعازفة أرغن ومعلّمة موسيقى، بعض النصائح للأهل ليتمكنوا من نقل شغفهم بالموسيقى إلى أولادهم.
كيف نجعل طفلنا يكتشف الجمال من خلال الموسيقى؟
علينا إشراك عاطفة الطفل ومشاعره. فإذا أردتم أن تأخذوا طفلكم لحضور حفلة موسيقية، اصطحبوا صديقه المفضّل أيضًا! أشرحوا له عن حبّكم لموسيقى معيّنة وأخبروه بما يذكركم المقطع الموسيقي المفضّل لديكم. فعلى سبيل المثال، يعيد جوهان باشلبل الباس في مقطوعاته التي تعكس بالتالي الثبات والإصرار، وأنا أرى أن هذه الموسيقى هي صورة لإصرار الإنسان. كما عليكم أن تشرحوا لطفلكم عن سبب عدم إعجابكم بنوع معيّن آخر من الموسيقى. وافعلوا الشيء نفسه في الرسم وأمام اللوحات الفنية حيث عليكم أن تقولوا لطفلكم مثلًا أنكم تحبون ألوانها ولكنّكم لا تفهمون معناها.
بأي نوع من الموسيقى نبدأ؟
علينا اقتراح جميع أنواع الموسيقى على أطفالنا. فقد نأخذهم مثلًا إلى اختبارات المدارس الموسيقية، أو الحفلات الموسيقية الخاصة بعيد الميلاد، أو حتّى إلى الأوركسترا، حيث غالبًا ما نجد جمهورًا مناسبًا ونحظى بتصفيق كبير. فما يحصل داخل هذه الصالات هو المهم بالنسبة إلى الطفل الذي يقدر على إدراك جميع هذه الأحداث. عليكم إذًا أن تصطحبوا جميع أطفالكم، حتّى الصغار منهم الذين ما يزالون ينامون مع لعبتهم، إلى هذه الحفلات الموسيقية. ولا تنتظروا بلوغهم سنّ المراهقة، فالمراهقون كثيرو الانتقاد. أمّا فيما يخص أنواع الموسيقى، فكلّها جيّدة مثل الموسيقى الكلاسيكية أو حتى تنوعاتها مثل “البيتلز”.
وأخيرًا، علينا إعطاء أطفالنا فرصة اختبار المشاعر الموسيقية المكثفة. وعلى سبيل المثال، عندما كنت في سنّ الخامسة، سمعت غناء امرأة ترتدي ثوبًا باللون الأحمر القرمزي، ولا زلت أتذكر هذا الحدث حتى اليوم لأن هذه المرأة جعلتني أرغب بالدخول إلى عالم الموسيقيين. ولكن احذروا، فعليكم إعطاء جرعات صغيرة من الموسيقى لكي لا يفقد طفلكم رغبته. اتركوا لطفلكم حريّة اختيار الموسيقى التي تناسب ذوقه. فلن ينقص حبّ والداه له إذا ما لم يحب نوعًا معينًا من الموسيقى!
كيف نتعامل مع الطفل الذي يحب الموسيقى العصرية؟
عندما يكتشف طفلكم مغنيًا عصريًا، اسألوه عمّا إذا كان يعجبه، وإذا كان يعتبره ذكيًا، وعمّا إذا كان يرغب بالتعرّف إليه، فمن المهم أن نجعل الطفل يعبّر عن سبب حبّه لهذا المغني. كما يحقّ للأهل أن يعبّروا عن عدم إعجابهم بهذا المغني أو بموسيقاه من دون أن يصفوه بالرديء.
علينا أن نفهم أن المراهقين يبحثون دائمًا عن قدوة ليحتذوا بها، وهم بحاجة للمشاركة في مجموعة يتشارك أعضاؤها الأشياء التي يحبونها. فكلّما شعر المراهق بحريته باختيار الفنان الذي يريده، كلّما أسرع بالتخلّص من هذا الإعجاب. وانتبهوا من روح المعارضة، فإذا قلتم لهذا المراهق بأن فنّانه المفضّل سيء، سيتشبث برأيه. أعطوا إذًا أطفالكم حرية اختيار فنانيهم المفضلين ولكن في الوقت نفسه وجهوهم إلى أشخاص آخرين. بإمكاننا على سبيل المثال إسماعهم مغنين من عصرنا ليتمكنوا من خلق صلة وصل مع الموسيقى القديمة
يتغيّر ذوق الأطفال الموسيقي مع تغيّر سنهم، والنضج يتحكّم فيه. فلكلّ عمر ذوقه الخاص، لذا بإمكاننا أن نقول إن مرحلة “الذوق الموسيقي السيء” لدى الأطفال هو طريق لا بدّ من سلوكه.
هل يمكن للجميع الاستمتاع بالموسيقى؟
ليس من الضروري أن يكون المرء خبيرًا للاستمتاع بالموسيقى، بل يكفيه أن يتعلّم أن يحلم على إيقاع موسيقى معينة من دون التردّد بالبوح بما يجول في ذهنه، وبالتالي ترجمة هذا الشعور الموسيقى إلى كلام. من المهم أيضًا أن نجعل أطفالنا يتذوقون عرضًا موسيقيًا دون الآخر. فعلى سبيل المثال، لاحظ أطفالي أنهم قد يرقصون على أنغام عرض موسيقي معيّن، بينما لم يكن لعرض آخر لنفس الموسيقى أي تأثير عليهم!
ولكن قد يتطلّب بعض أنواع الموسيقى قليلًا من التفسير!
بالتأكيد. فالمنظور الذي نتذوق الموسيقى من خلاله، سواء كان فكريًا أو علميا، يولّد مشاعر موسيقية قوية. أهدتني والدتي ذات يوم سوناتًا لسيزار فرانك وقد استمعت إليه كثيرًا إلى أن أحببته. فقد تختلف بعض الألحان عن بعضها البعض من ناحية صعبة فهمها، ولكنها قد تنتج آثارًا تشبه التأثيرات الضوئية المستخدمة في اللوحات المائية…
ما هي نصيحتكم للأهل الذين يرغب أطفالهم بتعلّم العزف على آلة موسيقية ما؟
أهم شيء برأيي هو أن يتعلّم الطفل لدى معلّم إنساني جدًا، فتعلّم الموسيقى يشمل جزءًا عاطفيًا كبيرًا. فمثلًا، تسعى ابنتي التي تعزف على الكمان أن تعزف مقطوعتها تمامًا كما عزفها معلّمها أمامها، وذلك لأن لديها العديد من النقاط المشتركة معه. كما أن المعلّم الجيد هو الذي يريد تنمية تلاميذه، فإذا تلقى التلميذ الاحترام اللازم، سيشعر بالحريّة عند العزف على آلته. وفي الحقيقة، إنّ العزف الموسيقي هو إظهار نفسنا على طبيعتنا.
ولهذا السبب لا أتردد في التشديد على ضرورة اختيار المعلّم قبل الآلة الموسيقية حتى. فإذا لم يطوّر التلميذ علاقة متينة مع أستاذه، من الأفضل ألّا نصرّ عليه. وقد يكون المعلّم السيء “ضارًا” على المدى البعيد للطفل الذي يتمتّع بموهبة موسيقية حقيقية.