الجزء السابق من المحاضرة الطاقة الحركية لنأخذ البندول أدناه مثالًا نشرح عبره هذا النوع من الطاقة: إن سحبنا الكتلة المتمثلة بالكرة إلى الجانب ثم تركناها فإنها ستتأرجح ذهابًا وإيابًا. وفي أثناء حركتها من أي طرف من الطرفين إلى المركز فإن ارتفاعها سيقل، فأين تذهب طاقة الوضع تلك؟ حسنًا، بما أن طاقة وضع الجاذبية تختفي عندما…
لنأخذ البندول أدناه مثالًا نشرح عبره هذا النوع من الطاقة: إن سحبنا الكتلة المتمثلة بالكرة إلى الجانب ثم تركناها فإنها ستتأرجح ذهابًا وإيابًا. وفي أثناء حركتها من أي طرف من الطرفين إلى المركز فإن ارتفاعها سيقل، فأين تذهب طاقة الوضع تلك؟ حسنًا، بما أن طاقة وضع الجاذبية تختفي عندما تصل الكرة إلى القعر، ثم تعاود الظهور مجددًا، فلا بد أن طاقة وضع الجاذبية قد تحولت إلى شكل طاقة آخر. فكون الجسم يستطيع بفضل حركته الصعود مرة أخرى بعدما يصل إلى القعر، يعني أن طاقة وضع الجاذبية حفظت بشكل آخر عند بلوغ الكرة القعر.
شكل 4-7: بندول
يجب علينا تحصيل علاقة لطاقة الحركة. وباستذكار كلامنا السابق عن الآلات الانعكاسية، يمكننا بيسر معرفة وجوب وجود كمية طاقة في أثناء الحركة عند القعر تسمح للجسم بالارتقاء إلى ارتفاع معين، بغض النظر عن آلية الارتقاء أو السبيل المسلوك. وهكذا بات لدينا معادلة تكافؤ تشابه تلك التي كتبناها لمكعبات الطفل دينيس. لدينا صيغة أخرى لتمثيل الطاقة، ومن السهل بمكان تحديدها. الطاقة الحركية عند القعر تساوي الوزن ضرب الارتفاع الذي يستطيع الارتقاء إليه استنادًا إلى سرعته، أي أن:
الطاقة الحركية = الوزن × الارتفاع K.E.=WH
ما نحتاج إليه الآن هو إيجاد العلاقة التي تخبرنا عن الارتفاع استنادًا إلى حركة الجسم. إن قذفنا شيئًا بسرعة معينة، ولنقل إلى الأعلى، فإنه سيصل إلى ارتفاع معين. نحن لا نعلم قيمة ذلك الارتفاع بالضبط لكننا نعلم أنه يعتمد على السرعة التي قذف بها الشيء، ويصادف أن لدينا معادلة تصف ذلك. لذلك يمكننا تضمينها في المعادلة السابقة بدل الارتفاع. بالتالي فإن إيجاد معادلة الطاقة الحركية لجسم يتحرك بسرعة معينة، يتطلب حساب الارتفاع الذي يستطيع الوصول إليه وضربه بوزنه. ورياضياتيًا نكتبها كالتالي:
بالطبع فإن حقيقة أن للحركة طاقة ليس لها أي علاقة بواقع أننا في مجال الجاذبية. إذ لا يفرق المصدر الذي تأتي منه الحركة. وهذه علاقة عامة لمختلف السرعات. يجدر الذكر أن معادلة «الطاقة تساوي الوزن ضرب الارتفاع» والمعادلة الأخيرة للطاقة الحركية هي صيغ تقريبية: المعادلة الأولى تصبح غير صحيحة عندما تكون الارتفاعات شاهقة، أي عندما يكون الارتفاع عاليًا بحيث يضعف تأثير الجاذبية [يختلف الوزن فلا تصح المعادلة]. والمعادلة الثانية تكون غير صحيحة عند السرعات العالية لأنها يجب أن تتضمن تصحيحات النظرية النسبية. على أي حال، فإن قانون حفظ الطاقة صحيح عندما نحصل في النهاية على معادلة الطاقة الدقيقة.
صور أخرى للطاقة
يمكننا الاستمرار في توضيح وجود صور أخرى للطاقة بنفس الطريقة الحالية. أولًا، لنتكلم عن طاقة المرونة: إن شددنا نابضًا حلزونيًا (زنبرك) إلى الأسفل فلا بد من أننا بذلنا شغلًا لأن النابض المشدود يستطيع رفع أوزان بالارتداد. بالتالي فإن لديه قدرة على أداء بعض الشغل وهو في حالة التمدد. لكننا إن جمعنا ناتج ضرب الأوزان بالارتفاعات فإن الناتج لن يكون صحيحًا وفق قانون حفظ الطاقة! يجب علينا إضافة شيء آخر يدل على حقيقة أن النابض تحت شد. طاقة المرونة هي العلاقة التي تصف النابض حين يكون متمددًا.
كم من الطاقة فيه؟ إن حررنا النابض من قوة الشد فإن طاقة المرونة ستتحول بعبور النابض نقطة الاتزان إلى طاقة حركية، وتتأرجح بين شد النابض أو ضغطه وبين تحولها لطاقة حركة (ترافقهم أيضًا بعض طاقة وضع الجاذبية)، يستمر النابض بالحركة مؤقتًا إلى حين خسارة.. أها! لقد كنا نغش طوال الوقت في الجزء الأول من المحاضرة بوضع أوزان صغيرة لتحريك الأشياء، والقول إن تلك الآلات انعكاسية أو أنها تستمر إلى الأبد، لكن يمكننا الآن رؤية أن الأشياء تتوقف.. في النهاية. أين ذهبت الطاقة عندما كف النابض عن الحركة إلى أعلى وأسفل؟ حسنًا، هذا يستدعي صورة أخرى للطاقة، هي الطاقة الحرارية.
في داخل كل نابض أو عتلة هناك بلورات مصنوعة من ذرات كثيرة جدًا، ويمكننا بترتيب دقيق بالغ الاهتمام للأجزاء أن نحاول تعديل الأشياء بحيث أن الذرات لا تهتز على الإطلاق عند تدحرج جسم على آخر. لكن يجب أن نكون شديدي الدقة. عندما تتدحرج الأجسام فعادة ما يحدث تصادم واهتزاز نتيجة عدم الانتظام في المادة، لذا تبدأ الذرات بالاهتزاز في الداخل. فنخسر جزءًا من الطاقة نجدها في حركة الذرات داخل المادة بعشوائية بعد سكون الجسم. أي أن هناك طاقة حركية، لكنها غير مرتبطة بالحركة المرئية. كيف نعرف استمرار وجود تلك الطاقة الحركية؟ يتبين أنك تستطيع معرفة ذلك باستخدام مقاييس الحرارة، فالعتلة أو النابض يكون أدفئ، ما يعني أن هناك زيادة في الطاقة الحركية بمقدار معين. نسمي صورة الطاقة تلك بالطاقة الحرارية، ونحن نعلم أنها ليست صورة طاقة جديدة حقًا فهي طاقة حركية، أو بتعبير أدق حركة داخلية. يجدر الذكر أن إحدى المشاكل في جميع هذه التجارب التي نجريها على مقياس كبير هي عدم قدرتنا على إظهار حفظ الطاقة بوضوح، وعدم قدرتنا على صنع آلتنا الانعكاسية التامة، لأن الذرات لا تظل ساكنة تمامًا حين نحرك كتلة كبيرة من الأشياء، بالتالي فإن كمية طاقة حركية معينة تنتقل إلى النظام الذري. وكما قلنا سابقًا، نحن لا نستطيع رؤية تلك الحركة بأعيننا بل نستدل عليها بالمحرار.
هناك صور عديدة للطاقة، ومن البديهي أننا لا نستطيع وصفها بتفصيل أكثر حاليًا. من صورها تلك: الطاقة الكهربائية، وتتعلق بدفع الشحنات الكهربائية وجذبها. والطاقة الإشعاعية وهي طاقة الضوء، ونعلم اليوم أنها نوع من الطاقة الكهربائية لأن الضوء عبارة عن اهتزاز في المجال الكهرومغناطيسي (الكهربائي والمغناطيسي). ولا ننسى الطاقة الكيميائية، وهي الطاقة المتحررة في التفاعل الكيميائي. في الحقيقة فإن طاقة المرونة تشبه إلى حد ما الطاقة الكيميائية، لأن الأخيرة هي طاقة جذب (جذب الذرات لبعضها البعض) وكذلك هي طاقة المرونة.
يمكن أن نلخص فهمنا المعاصر للطاقة بالتالي: الطاقة الكيميائية تكون بجزئين، أولهما طاقة حركية للإلكترونات في داخل الذرة، وثانيهما طاقة كهربائية بصفة تجاذب بين الإلكترونات والبروتونات وما شابه، بالتالي فإن الطاقة الكيميائية هي طاقة حركية وكهربائية. أما الطاقة النووية، فهي الطاقة المختصة بترتيب الجسيمات في داخل النواة، ولدينا معادلات تصفها إلا أننا نجهل القوانين الأساسية حتى الآن، نحن نعلم أن هذه الطاقة ليست كهربائية أو جذبوية ولا حركية بالكامل، لكننا نعلم ما هي: يبدو أنها صورة طاقة إضافية. أخيرًا، هناك تعديل للنظرية النسبية على قوانين الطاقة الحركية، جعل الطاقة الحركية ترتبط بشيء آخر يسمى طاقة الكتلة. طاقة الكتلة تعني أن الجسم فيه طاقة لمجرد وجوده في العالم. إن امتلكت إلكترونًا وبوزيترونًا [مضاد الإلكترون] يقفان دون تفاعل مع أي شيء -افترض أنهما لا يتأثران بالجاذبية ولا أي شيء آخر- ثم صادمناهما واختفيا [تصادم المادة مع المادة المضادة يدمرهما]، فإن طاقة إشعاعية ستتحرر بكمية معينة. ونحن نستطيع حساب كمية الطاقة الإشعاعية إن عرفنا كتلة الجسم. هذا يعني أننا نستطيع تحصيل كمية طاقة من اخفاء شيئين [تدمير] بغض النظر عن ماهيتهما. ووضع هذا القانون العالم آينشتاين، بصياغته الشهيرة: الطاقة = الكتلة ضرب مربع سرعة الضوء E=mc2.
يتوضح من حجتنا أن قانون حفظ الطاقة مفيد جدًا في التحليلات، كما أوضحنا في عدة أمثلة دون معرفة جميع العلاقات الرياضياتية المتضمنة فيها. وإن كانت لدينا علاقات جميع أصناف الطاقة فإننا نستطيع تحليل كم من الآليات ستعمل دون الحاجة إلى الغوص في التفاصيل. لهذا فإن قانون حفظ الطاقة مشوق جدًا. قد تتساءل عن قوانين الحفظ الأخرى في الفيزياء. والإجابة أن هناك قانونا حفظ يتشابهان مع حفظ الطاقة. أحدهما يسمى قانون حفظ الزخم الخطي، والآخر قانون حفظ الزخم الزاوي. وسنتعلم عنهما أكثر بعد قليل. في النهاية: نحن لا نفهم قوانين الحفظ بعمق، ولا نفهم حفظ الطاقة، بل ولا نفهم الطاقة على أنها عدد معين من تكتلات صغيرة. لعلك سمعت أن الفوتونات تكون بهيئة تكتلات طاقتها تساوي ثابت بلانك مضروبًا بالتردد. وهذا صحيح، لكن بما أن لتردد الضوء قيم لا نهاية لها؛ لا يوجد قانون ينص على أن الطاقة يجب أن تكون بقيمة مطلقة محددة. يمكن أن توجد أي كمية من الطاقة، خلافًا لمكعبات دينيس الصلبة، على الأقل هذا فهمنا الحالي. بالتالي فنحن حاليًا لا نفهم هذه الطاقة وكأننا نعد أشياءً ثابتة، بل نفهمها بصيغة كمية رياضياتية، وهي معلومات مجرد بل ومحيرة.
وفي ميكانيك الكم، يتوضح أن حفظ الطاقة يرتبط بشكل وثيق بخاصية مهمة أخرى للعالم، هي أن الأشياء لا تعتمد على الوقت المطلق. يمكننا أن نعد تجربة ونجريها في وقت ما، ثم نكرر ذات التجربة في وقت آخر فنجد أنها تسلك ذات الدرب. وكون هذا الشيء صحيح دائمًا أم لا أمرٌ لا نعرفه. وإن افترضنا أن ذلك صحيح، وأضفنا مبادئ ميكانيك الكم، فيمكننا استنتاج المبدأ الخاص بحفظ الطاقة. إنه شيء دقيق ومشوق وليس سهل الشرح. قوانين الحفظ الأخرى مرتبطة مع بعضها أيضًا: حفظ الزخم في ميكانيك الكم يرتبط بفرضية أن مكان إجراء التجربة لا يشكل أي فرق، فالنتيجة ستكون ذاتها دائمًا. وكما الاستقلال عن المكان يرتبط بحفظ الزخم، يرتبط الاستقلال عن الزمان بحفظ الطاقة. وأخيرًا فإن مغايرتنا لأدواتنا لا تصنع فرقًا على الإطلاق، وهكذا فإن عدم تغير العالم بالنسبة للاتجاه الزاوي يرتبط بحفظ الزخم الزاوي. بالإضافة إلى ذلك فإن هناك ثلاثة قوانين حفظ أخرى، ونعرفها اليوم بشكل كامل، وهي جميعًا سهلة الشرح لأنها تشابه المكعبات القابلة للعد.
أول تلك الثلاثة هو قانون حفظ الشحنة، وهذا ببساطة يعني أنك تحسب عدد الشحنات الكهربائية الموجبة مطروحًا منها عدد الشحنات السالبة التي لديك، فيكون الناتج رقمًا لا يتغير. وتستطيع التخلص من شحنة موجبة بشحنة سالبة لكنك لن تستطيع خلق أي شحنة موجبة إضافية تخل التوازن مع الشحنات السالبة. قوانين الحفظ المتبقية تتشابه مع هذا القانون، أحدهما يسمى قانون حفظ الباريونات. والباريونات هي عدد من الجسيمات الغريبة مثل البروتون والنيوترون. وإن حسبنا عدد الباريونات الناتجة عن أي تفاعل في الطبيعة فإنه سيكون ذات عدد الباريونات التي دخلت التفاعل. القانون الآخر يسمى قانون حفظ الليبتونات. يمكن القول إن الليبتونات هي الإلكترون والميون والنيوترينو، مع أن هناك مضادًا للإلكترون [شحنته موجبة] يعرف بالبوزيترون، وهو -1 ليبتون [أو ليبتون معكوس]. يكشف حساب عدد الليبتونات الداخلة في تفاعل والخارجة منه أن العدد لا يتغير أبدًا [عدد الداخل=عدد الخارج]، على الأقل حسب معرفتنا الحالية.
هذه إذًا هي قوانين الحفظ الستة. ثلاثة منهم دقيق، يتضمن المكان والزمان. وثلاثة منهم بسيط، أشبه بحساب مكعبات دينيس.
يجدر الذكر فيما يتعلق بحفظ الطاقة أن الطاقة المتاحة للاستخدام مسألة أخرى. مثلًا هناك الكثير من الاهتزاز في ذرات الماء في البحر، لأن للبحر حرارة معينة، لكن من المستحيل اقتياد جميع الذرات في حركة معينة دون اللجوء إلى مصدر طاقة خارجي. هذا يعني أن الطاقة المتاحة للاستخدام البشري لا تحفظ بسهولة، مع أن الطاقة الكلية محفوظة تمامًا، وهذا نعلمه علم اليقين. تعرف القوانين التي تحكم كمية الطاقة المتاحة للاستخدام بقوانين الثرموداينمك (الديناميكا الحراري) وتتضمن مفهومًا يسمى إنتروبي عمليات الثرموداينمك غير الانعكاسية.
في الختام لنعلق على سؤال من أين يمكن تحصيل مصادر طاقة اليوم. إن مصادر طاقتنا هي الشمس والمطر والفحم واليورانيوم والهيدروجين. والفحم والمطر ينتجان بفضل الشمس، لذا فإنها جميعا من الشمس. لكن هناك مشكلة في أن الطبيعة ليس مهتمة بحفظ الطاقة مع أنها تحفظها بالفعل، فهي تحرر الكثير من الطاقة من الشمس، لكن جزءًا فقط من ملياري جزء يصل إلى الأرض. الطبيعة تبعثر الكثير من الطاقة التي تحفظها فيزيائيًا في شتى الاتجاهات.
استطعنا حصاد الطاقة من اليورانيوم، ويمكننا أيضًا حصادها من الهيدروجين، لكن المشكلة اليوم هي في أننا ما زلنا نحتاج إلى توفير ظروف انفجارية خطيرة لفعل ذلك. وإن استطعنا السيطرة عليها في تفاعلات ثرمونووية (تفاعلات نووية حرارية) فإن الطاقة التي يمكن تحصيلها من عشرة لترات ماء في الثانية، ستعادل جميع الطاقة الكهربائية المولدة في الولايات المتحدة الأمريكية! أي أن 150 غالون ماء جاري في الدقيقة سيكون كافيًا لسد احتياج الولايات المتحدة إلى الكهرباء حاليًا. بالتالي فإن الأمر بيد الفيزيائيين لاكتشاف طريقة تحررنا من الحاجة إلى الطاقة. وهذا أمر يمكن إنجازه.
ترتفع نسب المخاطر عالمياً بسبب ازدياد تفشّي الأمراض والفيروسات، من كورونا وجدري القردة إلى فيروس “ماربورغ” الذي أعلنت منظمة الصحة العالمية أخيراً انتشاره في غانا، حيث تمّ تسجيل إصابتين تأكّدت وفاتهما في وقت لاحق. وعبّرت المنظمة عن بالغ قلقها من انتشار الفيروس عالمياً، لأنه قادر على قتل المصاب خلال 3 أيام.
فماذا نعرف عن هذا الفيروس؟ ما مدى خطورته؟ وهل من الممكن أن يصل إلينا؟
الأعراض
في موازاة ذلك، هناك أعراض رئيسية لمن يصابون بالفيروس، إذ يبدأ المرض الناجم عن فيروس ماربورغ بصداع حادّ مفاجىء ووعكة شديدة. ومن أعراضه الشائعة أيضاً الأوجاع والآلام العضلية.
وعادة ما يتعرّض المريض لحمّى شديدة في اليوم الأوّل من إصابته، يتبعها وهن تدريجي وسريع.
أمّا في اليوم الثالث تقريباً فيُصاب المريض بإسهال مائي حادّ وألم ومغص في البطن وغثيان وتقيّؤ. ويمكن أن يدوم الإسهال أسبوعاً كاملاً. ويُظهر الكثير من المرضى أعراضاً نزفية وخيمة في الفترة بين اليوم الخامس واليوم السابع، علماً أنّ الحالات المميتة تتّسم عادة بشكل من أشكال النزف من مواضع عدّة.
من المُلاحظ أنّ وجود الدم الطازج في القيء والبراز يصحبه، في كثير من الأحيان، نزف من الأنف واللثّة، والمهبل بالنسبة إلى المرأة.
وفي الحالات المميتة تحدث الوفاة بين اليوم الثامن واليوم التاسع بعد ظهور الأعراض، ويسبقها عادة صدمة.
أول تفشٍّ وأصل التسمية
يشرح رئيس مركز أبحاث الأمراض الجرثومية في الجامعة الأميركية في بيروت، غسان دبيبو لـ”أساس” هويّة هذا الفيروس، فيقول: “المرض كُشف عنه للمرّة الأولى في عام 1967 عندما تفشّى في مركزين واقعين في ماربورغ بألمانيا وبلغراد بجمهورية يوغسلافيا السابقة. وعُزِي ذلك التفشّي إلى أنشطة مخبرية تستعمل نسانيس إفريقية خضراء (Cercopithecus aethiops) استُورِدت من أوغندا. تمّ الإبلاغ لاحقاً عن حدوث تفشٍّ وحالات متفرّقة في أنغولا وجمهورية الكونغو الديمقراطية وكينيا وجنوب إفريقيا (شخص تبيّن أنّه سافر إلى زيمبابوي قبل إصابته) وأوغندا”.
لقد نجح علماء من جامعة ماربورغ بألمانيا، بالتعاون مع متخصّصين في الفحص المجهري الإلكتروني الفيروسيّ في معهد “برنارد نوخت” في هامبورغ، في تحديد الفيروس ومصدره، وتبيّن أنّ جميع المُصابين يعملون في مجال إنتاج لقاحات شلل الأطفال ويحتكّون بالرئيسيات (القرود)، التي يُمكن أن تُصاب بالعدوى من خفافيش الفاكهة تماماً كالبشر.
وطمأن إلى أن لبنان “ليس في خطر، إنما احتمال دخول الفيروس وارد في ظل حركة السفر من بلد إلى آخر”.
بين ازدياد نسبة مرضى السرطان بشكلٍ ملحوظ، وفقدان الأدوية تارةً وانتهاء صلاحيّتها تارةً أخرى، تقضُّ مضاجع اللبنانيين تحدّياتٌ تضاف إلى ما هو مفروضٌ عليهم، ويبحثون معها عن فجوة يطلّون من خلالها على حلولٍ بسيطة تجنّبهم واقعهم السيّئ الذي بات شبه يومي. في زحمة الأزمات، يصارع اللبنانيون في سبيل البقاء والصمود، كلٌّ على طريقته، فالحصول على رغيف الخبز والطعام يصلُ مرتبة الجهاد الأكبر، وتأمين الدواء معجزةٌ تتحقّق بشقّ الأنفس، والدخول إلى المستشفيات للطبابة حلمٌ لا يتمنّى كثيرون أن يتحقّق ويفضّلون أن يبقوا بصحّة جيدة تقيهم الذلّ والإنتظار على أبواب المستشفيات وطلب المساعدة، وما بينها مشقّات ومتاعب لتبقى الآمال معلّقة على حبل الخلاص الذي طال انتظاره.
وأمام الواقع الحالي تهون المصاعب أمام صحّة المواطن وعجزه عن مداواة نفسه أو إيجاد دوائه، في وقتٍ بات التلاعب بصحّته أمراً مشروعاً لأصحاب النفوس الدنيئة الذين يجدون في الأزمة باباً للربح وجني الأموال، إضافةً إلى ما يعانيه الناس في تأمين الأدوية بعد ارتفاع أسعارها وفق سعر دولار السوق السوداء، أو ما يعانونه من دفع مبالغ خيالية عند الدخول إلى المستشفيات كفروقات طبابة واستشفاء، ومعاناة فوق معاناة لمرضى غسيل الكلى والأمراض المستعصية، وصعوبة في تأمين الأدوية اللازمة لمرضى السرطان، وانتشار الأدوية المزوّرة في الآونة الأخيرة وعدم جدوى أخذ الجرعات منها كونها لا تقدّم ولا تؤخّر في تقديم العون لمريضٍ يتعلّق بحبال الأمل في أن تكون تلك الجرعة بداية تماثله للشفاء. وتحت وطأة ذلك كله ترتفع نسبة مرضى السرطان بشكل مخيف، وبزيادةٍ عن معدّلاتها المعهودة، حيث تسجّل مختبرات الأنسجة والفحوصات التي يطلبها الأطباء بعد العمليات والزرع، ارتفاعاً في نسبة المرض بين مختلف الأعمار والأجناس.
وفي هذا الإطار يقول الدكتور سهيل رعد، صاحب مختبرات للأنسجة والأمراض السرطانية، لـ»نداء الوطن»: «لاحظنا خلال الفترة الأخيرة وفي ظلّ الظروف الإقتصادية الصعبة وغياب المتابعة من الجهات المعنية وغياب أي خطة في متابعة الأمراض السرطانية، إزدياداً في أعداد المرضى وارتفاع النسبة من خلال الخزعات التي تأتي إلينا للكشف عليها وتحليلها وتشخيص المرض، حيث لا يكاد يمرّ يوم إلا وتسجّل فيه حالة واثنتان، وهذا الإرتفاع في الأورام السرطانية يصيب خصوصاً المثانة والأمعاء والرئة، ويعود ذلك إلى جملة أسباب، أهمّها: التدخين الذي يسبّب سرطان المثانة بالتزامن مع ازدياد نسبة المدخّنين وخصوصاً النرجيلة، مع الفارق أنّ سرطان المثانة كان يظهر في السابق عند كبار السنّ وممّن تزيد أعمارهم عن خمسين سنة، أما اليوم فيظهر عند من هم ما دون الـ35 سنة. أما سرطان الأمعاء فسببه الرئيسي التلوّث، على صعيد الغذاء والخضار والإستعمال المفرط للأسمدة والأدوية الزراعية، إضافةً إلى تلوّث المياه، وارتفاع نسبة النيترات في التربة في مناطق كبيرة في البقاع، ما ينعكس تلوّثاً على الخضار والأعشاب التي تأكلها الحيوانات وبالتالي تلوّث اللحوم، كذلك يؤدّي التلوّث الهوائي والضغط النفسي والتوتر العصبي دوراً أساسياً في ازدياد نسبة مرضى سرطان الرئة وكافة أنحاء الجسم».
ويشير رعد إلى «أنّ الناس يأخذون على عاتقهم متابعة أوضاعهم منذ بداية تشخيص المرض وصولاً للعلاج وتأمين الدواء وتخفيف المضاعفات، كذلك تأخذُ الهموم المعيشية والحياتية وتأمين الخبز والمدارس وغيرها جلّ اهتمام المواطن فيهمل صحّته، فيما تغيب الدولة عن متابعة أوضاع الناس الصحّية وتغيب الحملات الدعائية ومحاضرات التوعية للناس عن أسباب المرض».
ومع اكتشاف المرض تبدأ رحلة العلاج الطويلة التي ترهق الأنفس، لتأمين تكلفة العلاج والدواء ودخول المستشفى، إضافة إلى العوامل النفسية التي تصيب المريض وتؤثّر في محيطه وعائلته، وما يعانيه من ذلّ لطلب المساعدة في ظلّ الظروف القاسية التي نعيشها. ووسط ارتفاع التكلفة التي لا تغطّيها جهاتٌ ضامنة أو وزارة، يبحث المريض عن التوفير في العلاج ليستفيد من جرعات زائدة لعلّها تساعده على الشفاء، من دون أن يعلم إن كانت تلك الجرعات جيّدة أو منتهية الصلاحية أو مزوّرة.
ويؤكّد أحد المرضى وقد رفض الكشف عن اسمه، أنّ رحلة علاجه بدأها منذ أشهر بعد اكتشاف المرض في رئته، إذ بدأ العلاج في أحد مستشفيات بعلبك الهرمل، وإضافة إلى فروقات دخوله المستشفى ومكوثه فيها عدّة أيام لحين الإنتهاء من تلقّي العلاج، ومن دون أن يغطّيها الضمان، يتوجّب عليه تأمين ثمن الجرعة التي يأخذها، ويبلغ ثمنها ثمانية ملايين ليرة لبنانية، ولأن الوضع على «قدّ الحال»، وفق قوله، طرحت عليه إحدى الممرّضات في المشفى سرّاً أن تبيعه الجرعة بـ3 ملايين ليرة، ولأنّه يحتاج إلى 4 منها ليكمل مرحلة العلاج الأول وافق على العرض، حيث كانت تتمّ العملية سرّاً من دون أن يراها أحد، وهي اشترطت عدم معرفة أحد بالأمر سواء من المستشفى أم خارجه.
وأمام عيّنةٍ ممّا يجري مع المرضى يبقى السؤال: هل الجرعة التي تباع بفارق خمسة ملايين ليرة جيّدة وتتطابق مع المواصفات المطلوبة أم أنّها مزوّرة؟ وفي حال كانت صحيحة من أين تأتي بها الممرّضة لتبيعها بهذا السعر؟ هل سُرقت من المستشفى أم سُرقت من أمام مريض آخر؟ أم أنّها ضمن الأدوية التي توزّعها وزارة الصحة على المستشفيات التي لا تزال تغطّيها وجرى دعمها في جلسة مجلس الوزراء الأخيرة؟ ليبقى السؤال الأهمّ: أهي أدوية مهرّبة من سوريا ويتمّ بيعها للمرضى من دون الكشف اللازم عليها؟
أسئلةٌ طرحها المريض وتساؤلات تدخل في خانة البحث عن الحقيقة لمعرفة الأدوية التي يأخذها المرضى، في وقتٍ تتزايد أعدادهم بشكل مخيف ويتوجّب على الدولة والمعنيين القيام بما يلزم للتخفيف عنهم، ودعمهم قدر ما يمكن.