أخبار مباشرة
نقابة خبراء المحاسبة: دور محوري… تهمّشه دعوى بحق وزير المال!
كارين عبد النور
يجمع كثيرون على أنّ النقابة شهدت مرحلة ازدهار بين العامين 2012 و2014 إبان تولّي الدكتور أمين صالح رئاسة مجلسها. فكيف يصف بداية تلك المرحلة؟ «تولّيت رئاسة مجلس النقابة بين نيسان 2012 ونيسان 2014 وكان الصراع حينها بين القوى السياسية داخل النقابة على أشدّه، ما أدّى إلى ما شهدناه من توتّر آنذاك. صحيح أنني انتُخبت من قِبَل قوى سياسية أيضاً، لكن البرنامج والسلوك النقابي شكّلا أولوية لديّ». صالح الذي عمل على إسقاط التنازع السياسي وتوحيد المهنة والقيام بعملية تطوير وتحديث للنقابة، نجح في تحقيق إنجازات عدّة بلغت 28، كما يقول. ومنها: استحداث هيكلية إدارية ونظام عمل مالي وداخلي جديد؛ إنشاء معهد التدريب العلمي والتقني؛ إنجاز برامج للتدريب ودورات للمتدرّجين والأعضاء؛ إعادة الامتحانات التي كانت متوقّفة نتيجة الخلافات السابقة؛ افتتاح مكتبة تحتوي على كتب من كافة الاختصاصات وبجميع اللغات؛ تأسيس مكتبة للجنة الامتحانات بمعايير دولية؛ تنظيم حسابات النقابة وغيرها. أما الإنجاز الوحيد الذي لم يتمكن صالح من تحقيقه، كما يضيف، فهو «تعديل مشروع القانون، «إذ حاولت التوحيد بين مهنتي المحاسبة والتدقيق ضمن قانون واحد ما رفضه كثيرون بطريقة غير مبرّرة».
«فيتو» الوزير؟
أربعة مجالس مختلفة توالت على النقابة منذ العام 2014، في حين أضحت الإنجازات مذّاك «في خبر كان». نتوجّه إلى النقيب الحالي، عفيف شرارة، الفائز بمنصبه في حزيران الماضي، لنسمع منه أكثر. «منذ 2014 لم تُعطَ النقابة فرصة مقابَلة رئيس مجلس النواب وشرح واقع الحال، كما لم يُسمح لها بالمشاركة في اللجان النيابية، ما أدّى إلى تهميش دورها بالكامل». لماذا؟ «بسبب الدعوى التي أقامها مجلس النقابة على وزير المالية عام 2014 احتجاجاً على تعيين أعضاء من النقابة في المجلس الأعلى للمحاسبة من قِبَل الوزير مباشرة من دون استشارة المجلس، خلافاً لما كان متّفقاً عليه»، كما يجيب.
نعود إلى صالح الذي يلفت إلى أن وزارة المالية «تعتبر نفسها سلطة وصاية على النقابة، فهي من يريد أن يقرّر وعلينا التنفيذ. من هنا اعتبرنا محاولة إنشاء المجلس الأعلى للمحاسبة مخالفة لقانون النقابة. فكيف يمكن أن يتولّى هذا المجلس اقتراح القواعد والمعايير المحاسبية في حين أن هذه المهمة هي من ضمن صلاحيات النقابة بحسب القانون؟».
على أي حال، ثمة من يعتقد أن قرار فكّ الحصار عن النقابة قد اتّخذ. فقد قام رئيس مجلس النواب باستقبال المجلس الحالي حديثاً واعداً بإشراك النقابة في مناقشة القوانين استعادة للدور المناط بها حسب القانون. كما سيشهد يوم غد (الثلاثاء) لقاء مع وزير العدل، يليه آخر مع وزير التربية يوم الخميس المقبل ثم مع وزيري الداخلية والاقتصاد، وذلك بهدف مدّ خيوط التعاون مع المؤسسات كافة لإعادة نهضة النقابة وإحياء دور خبير المحاسبة بالشكل الذي يتلاءم مع موقعه، على حدّ قول شرارة.
لتفعيل الدور
صالح الذي يؤكّد انتفاء الإنجازات الكبيرة التي يمكن نسبها إلى المجالس التي توالت على النقابة بعد العام 2014، أشار إلى إنجازين أساسيين كان لا بدّ من الحفاظ عليهما: المعهد التدريبي والمكتبة. فمعهد التدريب لم يُفعَّل ولم يُعمَل به حتى تاريخه كما جرى الاكتفاء بالدورات التدريبية، في حين أنّ التدريب المستمر شرط أساسي لحماية المهنة والحفاظ على كرامتها وتقدّمها وازدهارها. أمّا المكتبة التي بلغت كلفتها حوالى 40 ألف دولار، فقد تمّ إغلاقها بحجة الصيانة والترميم والتحسينات. وإذ لمّح إلى تجاوز الأنظمة المالية في الكثير من الأحيان، تساءل: «هل نحن اليوم أمام محاولة لإلغاء النظام المالي الذي وضعناه للنقابة واستبداله بنظام جديد؟».
بدوره، يشدّد شرارة على أنّ المكتبة هي من ضمن أولوياته. فمنذ شهرين تمّ سحب الكتب الموضّبة وأعيد تنظيمها وصيانتها وحفظها في خزائن مخصّصة، ليعاد افتتاحها. «الأمر لم يحصل عن سوء نية، لأنّ المجالس السابقة اضطرّت لاستخدام المكان المخصّص للمكتبة للجنة الامتحانات. كلّ ما قمنا به هو تأمين مكان خاص كي تكون الكتب بتصرّف الزملاء»، بحسب قوله.
أمّا بالنسبة لمعهد التدريب، فاعتبر شرارة أنّ تكاوينه لم تكتمل سابقاً كما أنّ فكرته لم تنضج هي الأخرى، لكنّ الدورات التدريبية تواصلت حتى جائحة كورونا. «فكرة معهد التدريب بحاجة إلى نقاش. وقد أجرينا الثلاثاء الماضي اجتماعاً مع مدير المعهد الوطني للإدارة لمناقشة صياغة إطلاق معهد تدريب وطني عربي عالمي يخوّلنا منح الشهادات بمستوى راقٍ».
في ما يختص بالنظام المالي، يقرّ شرارة أنّ الأنظمة والقوانين تحتاج لمواكبة التطوّر، مردفاً أنّ «النظام المالي الذي أُعدّ عام 2004 تمّ تعديله عام 2012. واليوم، بعد مرور أكثر من عشرة أعوام، لا بدّ من تعديل جديد يراعي التطوّر وتغيير آلية العمل والتشدّد بالرقابة الداخلية والخارجية».
التدقيق مستبعد
نسأل عن التدقيق الجنائي وكيف أنّ استبعاد النقابة عن سياقاته يُعتبر مخالفة للقانون، فيرى صالح أنّ للنقابة دوراً فاعلاً في الحدّ من عمليات الفساد ومنع التهرّب الضريبي، لكن هذا ما لا تريده كبريات الشركات المالية والمصارف. فاستبعاد النقابة عن التدقيق الجنائي وتكليف شركات أجنبية بذلك يُعدّ، بحسب رأيه، مخالفة لنص القانون رقم 364 الذي يفيد أنّه لا صلاحية لأحد على التوقيع على حسابات المؤسسات الاقتصادية ما لم يكن اسمه مدرجاً ضمن جدول النقابة العام. مخالفة أخرى يتطرّق إليها صالح تتمثّل بالاتفاق بالتراضي مع الشركة الأجنبية – وليس من خلال استدراج عروض – ما يتناقض مع قانون المحاسبة العمومية. فلِمَ غاب الطعن بهذا التلزيم ولَم تقف النقابة الحالية بوجه السلطة إزاء ذلك؟
عن هذا يشرح شرارة: «كنّا أمام خيار إقامة دعوى على وزير المالية، لكنّ تجربة النقابة السابقة في دعوى المجلس الأعلى للمحاسبة، من جهة، والجوّ السياسي العام الذي كان يظهر جلياً اتجاه كافة القوى السياسية إلى شركات أجنبية توقّع معها الاتفاقيات لمصلحة أطراف معيّنة، من جهة أخرى، منعانا من المضيّ قُدماً بالدعوى رغم أنّها كانت جاهزة، مكتفين بالاعتراض الإعلامي لا القانوني». ويستغنم شرارة الفرصة للرد على شائعات طالته قبيل انتخابه عن حصوله على دعم بعض الجهات السياسية شرط الابتعاد عن ملف التدقيق الجنائي، قائلاً: «أوّلاً، بعكس النقابات السابقة، لم آت من خلفية حزبية. ثانياً، كيف لي أن أبيع شقة لا أملكها؟ فالنقابة مستبعدة بالأصل عن ملف التدقيق الجنائي. ما حصل هو معركة انتخابية شُنّت بين المرشحين وحسب ولا أساس لذلك الكلام من الصحة».
من المسؤول؟
في وقت تقدّمت فيه نقابة المحامين في بيروت وبعض نقابات المهن الحرّة بدعوى توقّف عن الدفع ضدّ بعض المصارف، برز غياب نقابة خبراء المحاسبة عن ذلك المشهد. وهنا تتباين الآراء. فقد اعتبر صالح أن القرار خاطئ ويدلّ على ضعف النقابة المعنوي والمهني وعدم استقلاليتها: «في حين يجب على مكاتب وخبراء المحاسبة التدقيق في حسابات المصارف، ها هي النقابة تخضع لسلطة الأخيرة ولبعض المصالح الشخصية بمجرّد رفضها الادعاء عليها». أمّا بالنسبة لشرارة، فالدعوى مرفوضة لأنّها لا توصل إلى نتيجة لا بل هي تساعد المصارف على تذويب أموال المودعين وإعلان إفلاسها وهذا ما تريده. فالحلّ من وجهة نظره يكمن في «تعاضد المهن الحرة ووضع خطة تعافٍ تلزم فيها الحكومة المنكفئة عن معالجة الأزمة».
على صعيد تحديد المسؤوليات، يقول صالح «إننا أمام أزمة نقدية مالية يتحمّل جزءاً منها خبراء المحاسبة ومدقّقو الحسابات الذين مارسوا عملية التدقيق في المصارف والمؤسسات المالية والمصرف المركزي». وهو كلام لا بدّ من التوقّف عنده، فما هو نطاق المسؤولية تلك؟ يجيب شرارة أن دور المدقّق هو إبداء الرأي في البيانات المالية التي تعدّها المؤسسة ولا علاقة له إن كان ثمة غش أو سرقة، معترفاً في الوقت عينه بأنّه كان يجب التشدّد أكثر لكن القوانين لم تُجز ذلك. وأكّد أن النقابة «لن ترحم أي زميل ساهم أو شارك أو كان على علم ولم يتحرّك تجاه أي عملية فساد». وإذ لفت إلى أنّ «المجلس التأديبي لا يرحم»، ذهب إلى حدّ تحميل المسؤولية الكبرى للجنة الرقابة على المصارف، نواب حاكم مصرف لبنان الأربعة، مفوّض الحكومة لدى المصرف المركزي وحاكم المركزي نفسه.
النهوض الموعود
من نافل القول أنّ خبراء المحاسبة تأثّروا أسوة بغيرهم بشكل مباشر بتداعيات الأزمة المالية، لا سيّما بعد حجز المصارف على أموال النقابة وتقاعس المؤسسات عن الدفع بشكل منتظم نتيجة التغيّرات التي طرأت على سعر الصرف. ويشير شرارة في هذا السياق إلى قيام مجلس النقابة الجديد بوضع خطط لمساعدة الخبراء والنهوض بالنقابة، من ضمنها التشدّد بتنظيم المهنة ومراقبة الزملاء في كيفية تأدية دورهم بشكل صحيح والالتزام بالقوانين. أضف إلى ذلك السعي لتوسيع شريحة العمل واستحداث لجنة تحقيق تتثبّت من أداء الخبراء المشكوك بسلوكهم، كما تشكيل حوالى 25 لجنة تُعنى بكافة المواضيع تمّ إشراك أكثر من 200 خبير فيها سعياً لتحقيق الإنجازات ورفع مستوى المهنة كي لا تبقى القوانين تُسنّ كي لا تُطبَّق، مع العلم أنّ عدد الخبراء الممارسين حالياً يبلغ 1730، إضافة إلى حوالى 300 خبير غير ممارس و520 متدرّجاً. من ناحيته، يرى صالح أن هناك تخوّفاً حقيقياً من نقابة خبراء المحاسبة في حال سُمح لها بممارسة دورها الفعلي لا إبداء الرأي فقط. فالأخيرة يجب أن تحتل موقع الريادة في مجال تقديم المشاريع المالية والاقتصادية والنقدية الإنقاذية وفي اكتشاف مكامن الفساد والإضاءة على التهرّب الضريبي وغيرها. ويتحقّق ذلك عبر قيام مجلس أعلى للمحاسبة يكون أكثر من نصف أعضائه من النقابة، يرأسه وزير المالية – لا مدير عام الوزارة – وتتمثّل فيه النقابة، جمعية المصارف، المصرف المركزي، ديوان المحاسبة ووزارة المالية. كل ذلك يأتي، كما ينهي صالح، بالتوازي مع وجود مجلس أعلى للضرائب يضطلع بدور استشاري قبل إقرار أي قانون ضريبي.
أخبار مباشرة
ورقة بكركي: أبعد من الرئاسة وأقل من النظر في النظام
يراهن البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي على حدوث تغييرات تسمح بإعادة تنظيم الدولة ومنع الكيان من الانهيار. ولا يقتصر نشاط البطريرك على العظات والمواقف، بل دخل في مرحلة الحراك الفعلي بورقة بكركي الأخيرة التي تجول على القوى السياسية المارونية لإبداء الملاحظات عليها. وتنتظر بكركي في الأيام المقبلة تحديات جديدة لإثبات أنّ حراكها قد يوصل إلى مكان ما.
Follow us on Twitter
لا يترك الراعي ملف الرئاسة للقدر، بل يتحرّك على كل الصعد، وإذا كان حراك راعي أبرشية انطلياس المارونية المطران أنطوان بو نجم العام الماضي لم يصل إلى نتيجة، إلا أنّ هذا التحرك اقتصر على الرئاسة ولم يتخطَ السقف المرسوم له.
وقرّرت بكركي أن لا تقف مكتوفة، لذلك خرجت ورقة من الصرح منذ نحو 10 أيام دارت على الأحزاب المسيحية الأساسية، وأبدى كل فريق ملاحظاته. وتهدف هذه الورقة إلى إطلاق حوار ماروني حول القضايا الأساسية وردم الهوة وتفعيل النقاش بين المسيحيين ليصار بعدها إلى إطلاق رؤية موحّدة والحوار مع جميع المكوّنات. وما يميّز ورقة بكركي عن حراك العام الماضي هو إهتمام البطريرك الراعي شخصياً بها ومحاولة التواصل مع القوى المسيحية. وقد عقد الإجتماع الأول الأسبوع الماضي برئاسة الراعي في بكركي وضم ممثلين عن أحزاب وتيارات «القوات اللبنانية» و»التيار الوطني الحرّ» والكتائب اللبنانية والوطنيين الأحرار، في حين لم يكن غياب «تيار المردة» لأسباب إعتراضية، بل للتعمق في درس ورقة بكركي. وسيستمرّ الراعي في الإشراف على الورقة شخصياً لتصل إلى أهدافها.
وما يميز الورقة التي تتابعها بكركي هو عدم اقتصارها على ملف الرئاسة، بل تتخطاها إلى مواضيع أعمق، وأبرز ما تضمّنته:
أولاً- ضرورة إنتخاب رئيس جديد للجمهورية وإعادة تسيير أمور الدولة ومنع شغور المواقع الأساسية لكي ينتظم العمل العام.
ثانياً- التأكيد على الشراكة الوطنية وعدم تغييب المكوّن المسيحي عن القرار.
ثالثاً- التمسّك بالمناصفة وعدم إستغلال غياب رئيس الجمهورية لتكريس أعراف جديدة.
رابعاً- العمل المسيحي والوطني على بناء دولة حرة سيدة مستقلة تملك وحدها الشرعية، ولا توجد «دويلات» تنافسها.
خامساً- مقاربة الأخطار الوجودية بعيداً من الأهداف السياسية والعمل الجاد والسريع لحل أزمة النزوح السوري ومنع التوطين، وكذلك متابعة ملف اللاجئين الفلسطينيين وعدم القبول بتصفية القضية الفلسطينية وتوطين الفلسطينيين الموجودين في لبنان.
سادساً- العمل على إعادة وجه لبنان الحضاري وصون علاقاته بالمجتمع العربي والدولي وعدم القبول بعزله، وإقرار مبدأ الحياد وعدم إدخال لبنان في لعبة الصراعات والحروب الكبرى.هذه العناوين الأساسية كانت المنطلق لتحرّك بكركي لتحسين الوضع المسيحي واللبناني، وكان البطريرك الراعي وبعد تولّيه السدّة البطريركية في 25 آذار 2011 باشر إنشاء لجان لدرس الواقع المسيحي ومعالجة القضايا الأساسية مثل مسألة بيع الأراضي والتراجع الديموغرافي وقانون الإنتخاب والحضور المسيحي داخل الدولة والرئاسة، إضافة إلى ملفات تهمّ الشارع المسيحي.
وترغب بكركي في توسيع دائرة المشاورات، إذ لا تريد حصرها بالأحزاب والتيارات المارونية، بل ستوجه الدعوة إلى الأحزاب الأرمنية للمشاركة في النقاش. وحتى الساعة، لن تُوجّه البطريركية دعوة للقيادات المسيحية، بلى ستبقي الإجتماعات على مستوى الممثلين، لأنّ مثل هكذا لقاء سيفشل إذا لم يكن هناك إتفاق على العناوين الأساسية، وإلا سيعقد من أجل إلتقاط الصورة فقط.
تحاول بكركي تقريب وجهات النظر بين القوى المسيحية، وهناك حوارات تحصل بعيداً من الإعلام، وما يساهم في بث أجواء إيجابية هو وجود تقاطع سابق بين المعارضة المسيحية و»التيار الوطني الحرّ» على اسم الوزير السابق جهاد ازعور، ما يعني إمكان تطوير هذا الحوار ليشمل مواضيع سياسية ووجودية.
وتركّز المعارضة المسيحية على أهمية إقرار الفريق المسيحي الآخر وعلى رأسه «التيار الوطني الحرّ» بأهمية بناء الدولة وحصر السلاح في يد الجيش والقوى الشرعية لكي يكون الحوار مثمراً، في حين يرى «التيار» أنّ مواقفه واضحة، ويعبر عنها الرئيس ميشال عون والنائب جبران باسيل في رفض سياسة ربط الساحات وما يحصل في الجنوب، ويصوّب على أهمية إستعادة الدور المسيحي ووقف ضربه من قبل أفرقاء معروفين والحفاظ على الشراكة.
أمام بكركي مهمة صعبة، فالإتفاق المسيحي على العناوين الكبيرة قد يفتح الباب على بقية التفاصيل، وتؤكّد مصادر بكركي لـ»نداء الوطن» أنّ الهدف من هذا الحراك إنقاذ الجمهورية ورئاسة الجمهورية والإتفاق على رؤية موحّدة لتقييم المخاطر الحاصلة، ويتم العمل تحت سقف «إتفاق الطائف» لتطبيقه بشكل صحيح واحترام بنوده مثل حصرية السلاح في يد الدولة واحترام المناصفة وإقرار اللامركزية الموسعة، وعند تطبيقه يتم البحث في تطويره بما يتجاوب مع متطلبات المرحلة، لكن ليس نسفه والذهاب إلى مؤتمر تأسيسي بشروط من يملك «فائض القوة».
أخبار مباشرة
صمتٌ رسمي ذليل يُغطّي استباحة “الأذرُع” لبيروت
رفض نيابي بيروتي وتغييري لظهور “الجماعة” المسلّح
ما كان يجري سراً خرج الى العلن. هذا هو الحال مع النبأ الذي وزعته وكالة «فرانس برس» السبت الماضي عن «اجتماع نادر» عُقد الأسبوع الماضي في بيروت بين قيادات من فصائل فلسطينية أبرزها حركة «حماس»، والمتمرّدين الحوثيين اليمنيين. وأياً تكن أهداف هذا الاجتماع، فإنه انعقد وسط صمت رسمي على مستوى حكومة تصريف الأعمال. فلا موقف من رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ولا احتجاج من وزير الخارجية عبدالله بو حبيب. وبدا هذا التجاهل الرسمي الذليل لهذه الاستباحة الموصوفة من «حماس» والحوثيين، بمثابة «ضوء أخضر» فرضته هيمنة «حزب الله» على مقدّرات الدولة.
ولعل أخطر ما في هذا التطور الذي جاء في سياق طويل، أنه جعل العاصمة اللبنانية منصّة علنية لمحور الممانعة الذي تقوده إيران. ما يعني أنّ بيروت صارت مرمى لكل ما يستدرجه هذا المحور من صراعات في المنطقة والعالم. فهل من يتذكر كيف صارت بيروت عاصمة للسلاح الفلسطيني في القرن الماضي وما أدّى اليه من حروب لم تندمل جراحها بعد نحو نصف قرن؟
بالنسبة للقاء «الحمساوي»-الحوثي، فقد أفادت مصادر الجانبَين، أنه ناقش»آليات تنسيق أعمال المقاومة» ضدّ إسرائيل في ظل حرب غزة. وضم اللقاء إضافة الى «قادة كبار» من الفريقين، كلاً من «الجهاد الإسلامي» و»الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين».
وأكد مسؤول حوثي لم تكشف «فرانس برس» اسمه أنّ الاجتماع «عُقد في بيروت»، وناقش «توسيع دائرة المواجهات ومحاصرة الكيان الإسرائيلي وهو ما أعلنه (زعيم حركة «أنصار الله») عبد الملك الحوثي» الخميس الماضي.
وبحسب مصدر فلسطيني طلب عدم ذكر اسمه فإنّ الاجتماع ناقش أيضاً «تكامل دور «أنصار الله» مع الفصائل الفلسطينية، خصوصاً مع احتمال اجتياح إسرائيل لرفح» في أقصى جنوب القطاع.
وفي سياق متصل لهذه الاستباحة «الحمساوية»-الحوثية، شهدت بيروت أيضاً ردود فعل من نواب العاصمة ومن التغييريين على العراضات المسلحة الاخيرة لـ»الجماعة الاسلامية». كما شملت الردود انتقاداً لمواقف الأمين العام لهذه «الجماعة» الشيخ عمر حيمور الذي وصف النواب الذين اعترضوا على المظاهر المسلحة بأنهم «نواب الغفلة».
كتب النائب ابراهيم منيمنة عبر منصة «إكس»: «انتقدنا مشهد العراضات المسلحة لـ»الجماعة الإسلامية» في العاصمة بيروت من موقعنا النيابي وبلغة ممثلي الشعب ومصالحهم وأمنهم، فردّوا علينا في شهر رمضان المبارك بلغة السباب والشتائم التي تعبّر عن الناطق بها وعن إفلاسه السياسي. لغة أقل ما يقال فيها أنها لغة السفهاء».
كما كتب النائب وضاح الصادق: «الحملة التخوينية التي تعرضت لها مع زملائي ممثلي العاصمة، وتحديداً النائبين إبراهيم منيمنة وفؤاد مخزومي، مرفوضة بالكامل وواجب على دار الفتوى اليوم ضبط المنابر والخطابات التي تتخطى كل الحدود الدينية والأخلاقية».
وكان النائب مارك ضو وعبر منصة «إكس» وصف خطاب حيمور بأنه «تحريضي يؤكد أن هذه الجماعة تلعب دور الغطاء السني لـ»حزب الله»، كما لعب غيرها دور الغطاء المسيحي».
وعلى المقلب الإسرائيلي، نقلت صحيفة «يديعوت أحرونوت»، أمس عن وزير الخارجية الإسرائيلي، يسرائيل كاتس قوله: «نقترب باستمرار من الحرب مع «حزب الله» وسيتحمل لبنان عواقبها».
ونقلت قناة «العربية» عن مصدر إسرائيلي قوله: «في حال وقوع حرب مع لبنان لدينا بنك أهداف بعمق 5 كلم داخل لبنان لم نستهدفها بعد».
وكشف استطلاع جديد أجراه معهد سياسة الشعب اليهودي، ونشرته صحيفة «جيروزاليم بوست» أمس أنّ ثلثي الإسرائيليين يعتقدون أن الجيش الإسرائيلي «يجب أن يهاجم «حزب الله» بكل قوة».
وفي سياق متصل، استهدفت ضربات إسرائيلية فجر أمس موقعين على الأقل في ريف دمشق أحدهما مستودع للأسلحة، وفق «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، فيما أعلن الإعلام الرسمي السوري إصابة عسكري في قصف جوي.
وجاء في بيان لـ»المرصد»: «استهدفت صواريخ إسرائيلية موقعين على الأقل أحدهما شحنة أسلحة داخل قطعة عسكرية لقوات النظام وتستخدمها ميليشيا «حزب الله» اللبناني، والآخر قرب الكتيبة الهندسية تقعان في المنطقة ذاتها ما بين يبرود والنبك في جبال القلمون بريف دمشق».
وعلى صعيد متصل، شدّد المستشار الألماني أولاف شولتس على وجوب أن «ينسحب «حزب الله» من الحدود اللبنانية ـ الإسرائيلية». وخلال جولة يُجريها في منطقة الشرق الأوسط، لفت شولتس إلى ضرورة «العمل على خفض التصعيد على الحدود اللبنانية ـ الإسرائيلية».
أخبار مباشرة
كأنه أمس… ميشال مكتف
قبل سنتين غادرنا ميشال مكتف. لا يزال حاضراً بيننا بابتسامته الدائمة وروحه المرحة ومواقفه الوطنية وتوثّبه الدائم للانجاز والتميّز.
يعزينا ان المبادئ التي ناضل ميشال من أجلها التي يختصرها هاجس السيادة والاستقلال استمرت عبر “نداء الوطن” التي أسّسها بشغف ورعاها بلا حساب. ويقلقنا ان المسيرة نحو تحقيقها جلجلة آلام وتضحيات في غياب الوحدة الوطنية الجامعة وفي ظل ارتهان السيادة والقرار وفي اضطرار اللبنانيين الى العيش في وضع انهيار وتفلّت المرتكبين من العقاب. ذكرى ميشال ليست مجرد حسرة بل شعلة أمل دائم بغد أفضل وقيامة حقيقية للبنان.